أبريل 27, 2024

الاعتداءات العسكرية للنظام السوري جريمة ضد الإنسانية

KASFسجل المعارض السوري هيثم مناع الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان عتباً كبيراً على تركيا وقال في لقاء خاص مع “إسلام أون لاين”: إن أوضاع المخيمات تتردى وهم لا يقومون بما عليهم، ولا يتركوننا نقوم بذلك، لقد رفضت السلطات التركية وجود الإعلام، ورفضت اقتراحنا بتحويل ما أسمته “الضيوف” إلى وضعية قانونية فعلية.

وحول أوضاع حماة والخوف من وقوع مجزرة جديدة قال مناع: أي اعتداء عسكري أو أمني هو اعتداء من جانب واحد، أي جريمة ضد الإنسانية في وضح النهار، ولا أظن أن السلطات الأمنية قد فقدت صوابها لترتكب مجازر إضافية، مضيفاً: ولكن أظن أيضاً من الضروري وقف الحملات الإعلامية التحريضية المبالغ فيها لأنها ترسل أخباراً كاذبة تدفع للتطرف في جو جد متوتر، وإلى نص الحوار:

* بداية .. هل ترى أن الأمور تسير باتجاه مجزرة جديدة في حماة.. لا سيما في ظل السكوت العربي والدولي؟

* أود أولاً عدم إنشاء أية مقارنة بين حماة 1982 وحماة 2011، ففي مجزرة حماة في الثاني والثالث من فبراير من عام 1982 سيطرت الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين على أحياء في حماة، وقتلت 95 بعثياً وعدداً من ضباط مدرسة الكوادر، كان هناك تنظيم عسكري ومواجهة عسكرية ودفع أهالي حماة ثمن وحشية أجهزة الأمن والقوات الخاصة التي خاضت معركة ضد جماعة عسكرية مسلحة.

مدنية سلمية

أما ما يحدث اليوم فهو حركة اجتماعية مدنية سلمية فيها كل أطياف وألوان سوريا السياسية والدينية والمدنية ونسبتها للمجتمع أكثر بـ30 مرة من نسبة الطليعة الإخوانية وأنصارها للكل الاجتماعي في حماة، وبالنسبة لأحداث عام 1982 يمكن الحديث عن الاستعمال غير المتناسب والمفرط للقوة ضد جماعة مسلحة أودى بحياة آلاف المدنيين، أما اليوم فأي اعتداء عسكري أو أمني هو اعتداء من جانب واحد، أي جريمة ضد الإنسانية في وضح النهار. لا أظن السلطات الأمنية قد فقدت صوابها لترتكب مجازر إضافية. ولكن أظن أيضاً من الضروري وقف الحملات الإعلامية التحريضية المبالغ فيها لأنها ترسل أخباراً كاذبة تدفع للتطرف في جو جد متوتر. هناك من فقد الإحساس بالمسؤولية في استعمال السلاح، وهناك من فقد الإحساس بالمسؤولية في استعمال الكلمات. من حسن الحظ أن شعبنا في حماة يحاول تنظيم نفسه بعيداً عن أي خطاب متطرف وفي أشكال سلمية مدنية راقية بعيدة عن الرد فعلية والثأر والانتقام مع تأكيد على روح الوحدة الوطنية وضرورة إقامة العدل.

        *   كيف يمكن فهم “تراجع” المواقف الدولية في العشرة الأيام الأخيرة..؟

* حقيقة أنا لا أتابع كثيراً تذبذبات الموقف الدولي، كل ثائر جديد في الحراك السوري يعدل ألف أوباما. معركتنا من أجل نموذج متقدم للديمقراطية المدنية والوطنية المخلصة والأمانة للمقدسات المحتلة تثير الكثير من المخاوف عند معظم الأطراف الخارجية، لذا علينا أن نثق بقدراتنا الذاتية أولاً وأخيراً.

* أيضاً كيف أن نفهم الموقف التركي بشكل خاص.. تراجع نبرة الخطاب.. تضييقه على اللاجئين.. زيارة مرتقبة لوزير الخارجية التركي إلى دمشق..؟

* أولاً أنا لي عتب كبير على الإخوة الأتراك، أوضاع المخيمات تتردى وهم لا يقومون بما عليهم ولا يتركوننا نقوم بذلك، لقد رفضت السلطات التركية وجود الإعلام، ورفضت اقتراحنا بتحويل ما أسمته “الضيوف” إلى وضعية قانونية فعلية. أي فرز اللاجئين على أساس القانون الدولي: بين فصيل أول يوجد خطر على أمنه وحياته في حال الرجوع، وبالتالي منحه حق اللجوء وحق التواصل مع المنظمات الإنسانية والحقوقية وحق الحركة ضمن مصلحة البلد المستقبل. وفصيل ثان خرج بالتهويش والتجييش ولا ناقة له ولا جمل، ومن المفترض تأمين عودة مباشرة له تضمن السلامة والكرامة. أي إننا حاولنا أن نناقش القضية مع السلطات المعنية وفق الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين المعتمدة في 28 يوليو 1951، والتي صدقت عليها تركيا منذ 60 عاماً. لكن حتى اللحظة ترفض تركيا استقبال وفد المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية لتقييم وتقدير الاحتياجات، كما سبق وأن رفضت طلب اللجنة العربية لحقوق الإنسان للتحقيق في أوضاع اللاجئين، وتتعامل السلطات التركية مع الموضوع باعتبارها الطرف الوحيد صاحب القرار في كل شاردة وواردة. خارج هذا الموضوع، لست ممن يطالب أو يعتقد بجدوى دور تركي في سوريا، فأنا حريص على كل مكونات انتفاضة الكرامة القومية والدينية، وبصراحة، لا يوجد توافق وطني على دور تركي مهما كان حجمه.

* من المعروف أنك ضد أي تدخل غربي في سوريا.. والسؤال ما الذي نريده من الغرب ومن مجلس الأمن تحديداً..؟ وهل تتوقع أن يتم تدخل عسكري بالرغم من موقف المعارضة السورية؟

* من خلال اتصالاتي ببعض الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وجدت طرفاً يرفض أي قرار لمجلس الأمن مهما كان نصه، وهناك من يطالب بقرار يصل إلى الفصل السابع. نحن نريد من الغرب أن يتركنا بسلام، ومن الشرق أن لا يضع كل تفاحاته في سلة واحدة.

وبالنسبة للتدخل العسكري فلا أظن أنه ممكن، بل لعل شبح هذا التدخل والتصريحات الصبيانية والمسعورة للبعض بهذا الاتجاه هي التي تحرمنا من أغلبية شعبية مريحة تحسم الموقف لصالح الشباب الثائر.

* على صعيد المواقف أيضاً.. متى يمكن للأنظمة العربية أو الإسلامية أن تأخذ موقفاً من النظام السوري برأيك؟

* نحن نطلب منهم الحد الأدنى: عدم طرد أي مواطن سوري يعمل في المهجر العربي، عدم الوقوف طرفاً مع القامع ضد المقموع. ونطالب الجاليات السورية باحترام قوانين البلدان التي تتواجد فيها في أي نشاط تقوم به.

حوار واعتقال

*  علمت أن لجنة الحوار الوطني قد أرسلت لك دعوة للمشاركة في جلساتها يوم الأحد المقبل؟

* هذا صحيح لكن أجهزة الأمن أرسلت في نفس اليوم دوريات لقريتنا (أم المياذن) على مشارف درعا واعتقلت قرابة مئة مواطن دون أي سبب ودون سابق إنذار، هل لديك تفسير لهذه الثنائية: دعوة للحوار واعتقال الشباب؟

  * كيف تنظر إلى مجمل الخطوات “الإصلاحية” التي دعا إليها النظام.. وهل ترى أنه قادر فعلاً على إقامة إصلاح أو حوار حقيقي مع المعارضة؟ وما موقفك من “هيئة التنسيق للتغيير الوطني الديمقراطي” المعارضة في سوريا؟

* التاريخ يعلمنا أن لا نمل ولا نكل في النضال السلمي من أجل التغيير الديمقراطي، وأن نصنع بالنضال شروط الحوار الصحية. السلطة الأمنية ليس لديها تقاليد للحوار. اعتادت أن تحاور في مكاتبها أو أقبية التحقيق. اليوم يفرض الشعب عليها موضوع الحوار. من أجل ذلك لا حق لها بالخطأ إن أرادت فعلا تخفيف الخسائر البشرية والمادية على سوريا الغد. هذا يعني التوقف عن اعتبار الحل الأمني ضرورة، الإفراج عن كل المعتقلين دون استثناء وفتح ملف التغيير الفعلي في المؤسسات بعد أن حقق الشعب تغييراً فعلياً في العقلية الجماعية السورية يقوم على القطع التام مع تركيبة التسلط ومنظومة الفساد.

وبالنسبة لموقفي من “هيئة التنسيق للتغيير الوطني الديمقراطي” المعارضة في سوريا، فأنا أكن لها احترام كبير ولدينا ثقة متبادلة.

* وكيف ترى مجمل اجتماعات المعارضة التي عقدت أو ستعقد داخل سوريا؟

* كل اجتماع ضروري وكل منتدى وملتقى في غاية الأهمية، أقول لكل أبناء وطني، ليس من المهم في الحالة الثورية أن تطالب السلطات بحقوقك، المهم أن تمارسها.. لذا حولوا كل حديقة لصالة حوار وكل منزل كبير لملتقى للمواطنة والتثاقف والبناء المدني الذاتي والحوار بين الشباب والكبار.. فالسلطات السورية صحّرت الحياة السياسية واغتالت العلاقات المدنية، ومهمتنا تحقيق النهضة والتغيير لتعويض سنوات القحط والبؤس التي فرضها الاستقرار المستنقعي التسلطي.

* طرحت لجان التنسيق المحلية في داخل سوريا مبادرة رأى بعض المعارضين أنها تشكل أرضية لوحدة العمل السوري من أجل دعم الثورة والاستمرار بها حتى بلوغها غاياتها. ما رأيك بها.. وما مدى تنسيقكم مع هذه المجموعات في الداخل؟

* هي رؤية خلاقة ومجددة، أنا أتواصل مع المجموعات الشبابية بشكل فردي أو جماعي، نتبادل الرأي ونتفاعل ونتقاسم المهمات كل حسب قدرته. لكن بالنسبة لأية ورقة عمل، أود التأكيد على أننا نعيش في دينامية استثنائية تتطلب منا الوقوف باستمرار عند برامجنا وتصوراتنا وإعادة صياغتها دائماً بشكل خلاق ينسجم مع الحركة المدنية. ولعل من الضروري أن نذكر أن موضوعات مثل “الشباب فوق الخطأ” أو “ليس هذا وقت النقد” ستحمل تأثيرات سلبية. نحن بأمس الحاجة لإنضاج الخطاب الثوري والمنهج النقدي بآن معاً، وهذا يتطلب حوارات دائمة تعزز وتعمق اكتشاف الأحرار لأنفسهم ولمسار حركتهم الثورية.

أطراف المعارضة

* كيف تنظر إلى علاقة أطراف المعارضة ببعضها البعض.. هل ترى أن هناك هيمنة ما لحركة الإخوان المسلمين.. أو للجماعات السلفية ممثلة بالشيخ العرعور.. بمعنى آخر كيف يمكن إزالة الخوف لدى الطوائف الأخرى كالمسيحيين والدروز وغيرهم؟ وما هي رؤيتك للمسألة الكردية السورية؟

* علاقة أطراف المعارضة ببعضها أفضل بكثير مما كانت عليه في ديسمبر الماضي. ولكننا في منتصف الطريق. حركة الإخوان المسلمين لا تهيمن على الوضع وليست قوية في الداخل. يمكن القول إن الجيل الجديد من أبناء الإخوان قد دخل المعركة بقوة بفضل العالم الافتراضي والحرب التكنولوجية التي نخوضها وكأنه ينتقم لهزيمة الأهل وحقبة الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين، لكن دون أي استمرار لعقلية الطليعة المقاتلة التي ماتت في القلوب وفي العقول. القدماء في الحركة أصبحوا سياسيين كغيرهم، بدون أي قداسة أو تفوق. وبهذا المعنى نتعامل معهم، في الخطأ والصواب، ونصيحتي أن يمدوا الجسور أكثر للحركات السياسية داخل الوطن. هناك شعبية خاصة للأستاذ عصام العطار خاصة في المدن ونحن بأمس الحاجة لها لأن العطار يوحي بالثقة لكل السوريين دون تمييز. ليس في سوريا حركة سلفية أصيلة، السلفية مستوردة وغريبة. من هنا حالة الرهاب التي تخلقها بعض الشخصيات الهستيرية ذات العمامة عند السوريين الوسطيين والمعتدلين بالفطرة بغض النظر عن دينهم ومذهبهم. وأظن التجييش الذي يقومون به سبب أساسي في تخويف المدن من تغيير يحمل في طياته التطرف. خاصة ونحن نسمع هذا وذاك يوزع صكوك الغفران وأماكن في الجنة بل ويمنح رتباً عسكرية على الهواء مباشرة. هذه مظاهر أقرب للشعوذة منها إلى الإسلام أو السياسة.

وبالنسبة للحركة السياسية والشبابية الكردية كانت على الموعد كما يقال. حقيقة أشعر بالاعتزاز من موقف الأكراد السوريين خاصة في تضامنهم الراقي مع إخوتهم في المدن المحاصرة والمضيق عليها. أظن أن للشعب الكردي دوراً مهماً في بناء سوريا ديمقراطية قوية.

* حدثت انشقاقات محدودة في الجيش.. فإلى أي مدى يمكن المراهنة على الجيش حقيقة؟

* أنا شخصياً أقف ضد الانشقاق ومغادرة المؤسسة العسكرية. أفهم من ضاقت به الخيارات، ولكنني أرفض اعتبار ذلك المسلك الأجدى لدعم انتفاضة الكرامة. أما رهاني على الجيش فلا يقل عن رهاني على المجتمع السوري بالمعنى الواسع للكلمة. أظن أن هذه المؤسسة تضم فسيفساء المجتمع وتحمل ما له وما عليه. والخوف على صلابة المؤسسة في وجه العدو الإسرائيلي هو الذي حال ويحول دون مواجهات داخلية. جيشنا يعي دوره في الدفاع عن الوطن وتم توريط قطاعات منه في ضرب الحراك الثوري. علينا أن لا نسقط في الفخ الذي وضعته لنا السلطة الأمنية، أي المواجهة المفتوحة بين الجيش والمجتمع.

* وما هي آفاق المستقبل و السيناريوهات المطروحة برأيك..؟

* نحن في مرحلة الاحتمالات المفتوحة، من أكثرها تفاؤلا: أي انتقال الانتفاضة إلى ثورة في المؤسسات، إلى أكثرها تشاؤماً: أي الاحتفاظ بهياكل لديها القدرة على الانقضاض على المكتسبات في أي لحظة. كل ما أتمناه هو إبعاد شبح التحطيم الذاتي والحرب الأهلية بكل الوسائل.

إسلام أون لاين

2011-07-07 10:00:49