كتاب بيان ضد الفاشية الجهادية
bayan
كتاب بيان ضد الفاشية الجهادية
jolanii
سوريا تحت سلطان الفاشية الجهادية
law jungle1
شريعة الغاب(3-3)

كتاب بيان ضد الفاشية الجهادية

كلمة لا بد منها

لماذا الفاشية؟ وهل يظن الكاتب أن شرعيي داعش والنصرة يعرفون موسوليني واستلهموا أفكار الفاشيين؟

بالتأكيد لا، ولكن التجارب البشرية على اختلافها وتنوعها تتقاطع وتكرر بعضها بشكل مقيت أحيانا. يمكن للإسلاميين أن يعتبروا “أبو مصعب السوري” مبتكر نظرية الذئاب المنفردة، وكم ستكون المفاجأة كبيرة عندما يعلمون أن أحد من ابتكرها قبله بسنوات، ينتسب لمنظمة Ku Klux Klanالأمريكية المتطرفة في كراهيتها لكل يختلف عنها. هنا يكمن الشبه في خطاب الكراهية الذي تحمله إيديولوجية معينة وتنتج بالتالي متشابهات، ولو اختلفت الثقافة أو المعتقد أو الرأي. وهذا هو الحال مع منظري السلفية الجهادية والأطروحات الفاشية والنازية إلخ.

فلو توجهنا إلى مثقف إيطالي أو أوربي بشكل عام وقلنا له: ترفض السلفية الجهادية الديمقراطية وتعتبرها شركا بالله، كذلك ترفض فكرة المساواة لتعارضها مع تصنيفها الذي يميز بين الناس على أساس الدين والمعتقد، وترفض الإخاء الإنساني لأن ذلك يساوي بين الكافر والمؤمن، وبين المسلم وغير المسلم. وترفض التعددية الحزبية وحرية الأحزاب لأنها تخلق عناصر الفرقة بين أهل الجماعة، وترفض حرية الإعلام والثقافة لأنها تتيح الفرصة لأعداء الدين لإفساد عامة الناس، وترفض التشارك مع من يختلف عنها لأن ذلك يفسد نقاوة وطهارة ما تعتقد به..  كتب أحد منظريهم: “لا سبيل لحكم الله إلا بالجهاد، فالجهاد عبادة و”الجهاد السني” أول العبادات. وهي تعتقد بطاعة الحاكم المالك لصلاحيات مطلقة وأن “ستون عاما من إمام جائر خير من عام بلا إمام”(ابن تيمية).  وتعتبر “تاريخ البشرية وواقعها المعاصر شاهدان على أن الإنسان لابد له أن يقاتل غيره .. أياً كانت أسباب ودوافع ذلك القتال”. وأن القوة وحدها، وليس إرادة الشعب، ترسخ أركان نظام الحكم.

يقدسون السلف ويقلدونه ويعتبرون الجديد أهواء وبدع، يرفضون الحداثة والإبداع ويعتبرون إعمال العقل والنقد بداية الفساد والإفساد، أما الخلاف فيتسبب في زرع الضعف بل هو خيانة ومن الضروري اضطهاد المختلفين، لذا لديهم باستمرار رهاب “المؤامرات” ويعبئون جماعتهم لكراهية الغرباء عن معتقداتهم ويرون التصالح معهم صفقة مشبوهة. يعتزون برجوليتهم بالمعنى البدائي للأبوية ويعتبرون نقاب النساء السبيل لإبعاد الفواحش ما ظهر منها وما بطن، مهووسون بالشعبوية عندما تكون سببا في “التعبئة العامة” ضد العدو، والكلمات التي تقتل، والسلاح الذي يقطع الرؤوس أمام الجموع.

يكفي أن نقدم هذا العرض ومعه مقالة الكاتب أمبرتو إيكو Umberto Eco المنشورة في 1995 [1] حول الفاشية، لنفهم المغزى من اختيار عنوان الكتاب، وأهمية الاختيار لمن يتحدث عن النقاء الثقافي، دينيا كان أو علمانيا، لأن هناك كلمات صارت عالمية universal على خلاف الثقافة والدين والبلد.

فكما أن التعذيب ظاهرة عالمية، فهذا هو حال الفاشية الجهادية، فالعالمية لا تتوقف عند الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وقيم المواطنة المتساوية والنضال المدني، ولكن للأسف تشمل جيد المحاصيل وأرداءها.

هذه التقاطعات الأساسية بين الفاشية و”الجهادية” لا تكفي لوصف كل ما تميزت به السلفية الجهادية، آخر تعبيرات الإسلام السياسي. فقد تمكنت هذه المجموعات من استكمال مهمة الدكتاتوريات التي سبقتها في تفتيت روابط التضامن والتعاون في صفوف ضحايا الاستبداد، وفتت مفهوم العدالة والقانون والمواطنة، وحقرّت مفاهيم إنتاج وسائل الحياة المعاصرة. وفي الوضع السوري، حيث نسب الفقر والبطالة وفرص العمل هي الأسوأ في الشرق الأوسط، نجدها تعطي الأولوية لزج من يواليها في الجيش والقوى الأمنية ونشر غرباء “الجهاديين” الملثمين في مختلف المدن. تستثمر سلطة الأمر الواقع في “المظلومية” السنية، وتوجه أنصارها نحو غير السنة باعتبارهم “الطبقة الحاكمة” في النظام البائد. يجري نهب الأملاك والمنازل والمحال التجارية للعلويين، تخطف النساء والرجال للمطالبة مالية عالية، يُقتل الشباب والشياب انتقاما وثأرا لقريب فقده أهله في حرب أدمنت وتعددت جبهاتها، كان السؤال عشية سقوط بشار الأسد: من يقتل من؟ وهل بإمكان طرف شارك في كل الفظائع أن يبني عدالة تحول دون تكرارها؟

السؤال المفجع اليوم: هل يمكن وقف النزيف السوري على يد مجموعة عسكرية طائفية الانتماء مكبلة بتاريخها الأسود ودماء السوريين؟ سياسة التطهير الطائفي في الساحل السوري والتجييش ضد الموحدين الدروز لا تعطي الاطمئنان للسوريين والسوريات.

ما من شك، بأن السوريين والسوريات الذين قدموا عشرات آلاف الشهداء من أجل شعب سوري واحد، من أجل المواطنة المتساوية، ومن أجل الحرية والكرامة، لن يبخلوا على بلدهم بما تبقى لهم من قوة، للخلاص من هذا الوضع المأساوي الذي أدخلهم في دوامة الصراعات المسطحة والصراعات الأهلية المستدامة.

07/05/2025

[1] https://www.nybooks.com/articles/1995/06/22/ur-fascism/

declaration contre
Scroll to Top