ليست الغاية من هذه الدراسة رصد انتهاكات الإدارة الأمريكية الحالية لحقوق الإنسان داخل وخارج أراضي الولايات المتحدة الأمريكية. فثمة منظمات غير حكومية (أمريكية ودولية) لحقوق الإنسان قامت وتقوم بهذه المهمة باختصاص ومهنية يشهد لها بها أي مراقب موضوعي. إنما الغاية هي تتبع ما نسميه بالاتجاهات القومية الجديدة New National Tendencies التي بدأت بالتنامي في الولايات المتحدة الأمريكية بعد سقوط جدران برلين ودخول عصر العولمة الأحادية القطب وتأثيرها على السياسة الأمريكية في قضايا حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
إن كان كاتب السطور شاهدا مباشرا على العديد من مواقف الحكومة الأمريكية في محافل حقوق الإنسان الأممية، فمرتكزنا الأساسي هنا هو تتبع كتابات أهم صانعي القرار في الفريق الحالي المحيط بالرئيس جورج بوش الابن. سيلاحظ القارئ أن هناك تغييبا متعمدا لموقف وزير الخارجية الحالي كولن باول في سياق التحليل، لاعتقادنا بأن ما يعرف بالصقور يحاول منذ سنوات بلورة سياسة أمريكية جديدة “تحقق اللقاء بين القرن التاسع عشر والقرن الواحد والعشرين” (باستعارة تعبير دونالد رامسفيلد) (1). أي تعود بنا إلى ما كان يعرف بالنظام البريطاني l’ordre britannique في ثوب أمريكي. وعندما نتحدث عن القرن التاسع عشر، إنما يجري الحديث عن الاستعمار الغربي المباشر وغياب ثنائية القطب في النظام الاقتصادي والسياسي.
لم يكن بإمكان أطروحات كهذه أن تنال شعبية كبيرة في بلد لم تحرره حربا الخليج وكوسوفا تماماً من تناذر حرب فيتنام. ولم يكن من الممكن أن يتحول الخطاب العسكري، المطالب بأكثر من حرب في وقت واحد، إلى خطاب مسموع عند الأمريكي المتوسط، دون حالة الاستنفار الناجمة عن مأساة الحادي عشر من أيلول. فإيديولوجيات الطوارئ تصبح، كما هو معلوم، ذات شعبية في الأوضاع الطارئة. كما وأن هذه الأحداث قد تركت بصماتها أيضا على التوازن بين ما يعرف بالصقور والحمائم في إدارة بوش. بحيث يصبح رأي كولن باول (الأقل إيديولوجية والأكثر دبلوماسية) ذو حظوة بالاستماع إليه في حال وجود ضغط فعلي على الصقور من الداخل أو الخارج أو كلاهما. أو في حال فشل الصقور في إحدى مغامرات استعراض القوة التي تشكل أساس تعريفهم الجديد للمصلحة القومية (National Interest).
بعد تراجع فلسفة جان فوستر دالاس لمواجهة الشيوعية بالتبشير المسيحي، التي عبر عنها في كتابه “حرب أم سلام”، بدأت فكرة الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية في مواجهة الأنموذج السوفياتي تنال انتسابا في الأوساط الجمهورية والديمقراطية سواء بسواء. ولا شك بأن حركة الحقوق المدنية داخل الولايات المتحدة نفسها قد عززت هذا التوجه. منذ توقيع 35 دولة أوربية وشمال أمريكية لاتفاقية هلسنكي عام 1975، ركزت الولايات المتحدة، على الأقل في البلدان الواقعة تحت النفوذ السوفييتي، على موضوعة احترام الحقوق المدنية والسياسية. ذلك، باعتبارها أحد رباعي أجندة كلاسيكية معلنة للخارجية الأمريكية في السبعينات والثمانينات قوامها: وقف سباق التسلح، تشجيع اقتصاد السوق، ضبط الصراعات الإقليمية وحقوق الإنسان. لكن بقيت السياسة الأمريكية على موقفها السلبي من كل ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وكذلك الحق في التنمية. لم يغير الرئيس جيمي كارتر في المفهوم الأمريكي الرسمي الضيق لحقوق الإنسان الذي يركّز على الحقوق المدنية والسياسية والحريات الفردية. وبقيت سياسة الولايات المتحدة، سواء في العقوبات أو الضغوط، مرتبطة مباشرة بالتحالفات والعداوات الجيوسياسية والاقتصادية.
يمكن القول دون مبالغة، أن الانهيار السريع للاتحاد السوفياتي قد باغت الجميع بمن فيهم معاهد العلوم السياسية الأمريكية المعروفة بطابعها البراغماتي والتصاقها بالأحداث. لقد احتاج الأمر لعدة سنوات قبل أن تبدأ بالتشكل أطروحات جديدة تنطلق من التكوين الاستراتيجي الجديد للعالم. ثم بدأ النقاش في ظل ولاية الرئيس بيل كلينتون، حيث طرح العديد من أكاديميي الحزب الديمقراطي (مثل جوزيف ناي الابن) فكرة ضرورة إعادة تعريف المصلحة القومية (2). لقد كانت هذه الفترة مخبرا للمعارضة الجمهورية التي سعت عبر نقدها للإدارة الديمقراطية إلى تكوين مواقف جديدة تنسجم مع الوضع العالمي الجديد.
يمكن القول إن معظم الأطروحات الجديدة قد سبقت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001. عبرت عن العديد منها كوندوليزا رايس أثناء الحملة الانتخابية عام 2000، حين كانت مستشارة السياسة الخارجية للمرشح الجمهوري بوش. ففي مقالة نشرتها مجلة (Foreign Affairs) في عددها الصادر في كانون الثاني – شباط 2000، تؤكد مستشارة الأمن القومي الحالية على ضرورة تجاوز الأسس القديمة للسياسة الأمريكية الخارجية بما يتناسب مع مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
تنتقد السيدة رايس من يعتقد بضرورة قراءة المصلحة القومية عبر مشارب القانون الدولي ومنظمات كالأمم المتحدة، وتوضح أنها ليست ضد “المصلحة الإنسانية”، لكن تضعها في الصف الثاني بعد المصلحة القومية. فكون المصلحة القومية للولايات المتحدة الأمريكية تخلق الظروف لتشجيع الحريات وحركة السوق والسلام، من المفترض أن تعطى الأولوية. على هذا الأساس “لا يمكن للاتفاقيات والهيئات المتعددة الأطراف أن تكون غاية في ذاتها، فمصلحة الولايات المتحدة تقوم على تحالفات قوية يمكن تعزيزها داخل الأمم المتحدة أو في غيرها من المنظمات المتعددة الأطراف، كما يمكن أن يحدث ذلك عبر اتفاقيات دولية متقنة الصنع” (3).
هذه “المرونة” في التصور السياسي تشكل خطرا مباشرا على ما يعرف بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان. فهي تهمّش العمل الجماعي في الأمم المتحدة الذي يهدف، من حيث المبدأ، لتحقيق الأمن والسلام المشترك بين الأمم، استنادا إلى ميثاق عالمي. فيما يجد ترجمته العملية بمأثورة السيدة رايس “ليس من القيادة، كما أنه ليس بالموقف الإنعزالي القول بأن للولايات المتحدة الأمريكية دور خاص في العالم، ولذا ليس من واجبها أن تنتسب لأية اتفاقية أو معاهدة دولية تقترح عليها” (4).
هذا التملص المسبق من أي التزام بالمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والبيئة والقانون الدولي، عنصر مشترك في السياسة الأمريكية منذ أكثر من عقدين من الزمن. لكنه لم يكن يطرح بهذا الشكل الفج الذي يعطي الولايات المتحدة صفة خاصة تعفيها من التزاماتها الدولية. إن في ذلك ما يساعدنا على فهم رد اليمين الصهيوني في أوروبا على من انتقد جملة آرييل شارون “يحق لإسرائيل محاكمة من تشاء ولا يحق لأحد محاكمة إسرائيل أو الشعب اليهودي”، بالقول “نحن نعيش في حقبة المصلحة القومية للأقوى ليس فقط في إسرائيل بل على الصعيد العالمي”. بالتأكيد، هذه الفلسفة تزرع الأسس النظرية – السياسية لضرب المكتسبات العالمية لحقوق الإنسان عبر رؤية شوفينية ضيقة.
تكمن نقطة الانطلاق في الأطروحات القومية الجديدة في الولايات المتحدة في عملية قلب المبدأ الذي ساد عشية العاشر من كانون الأول 1948 (عالمية حقوق الإنسان) رأساً على عقب، بما تلخصه كوندوليزا رايس بالقول “القيم الأمريكية قيم عالمية، يستطيع الشعب أن يقول ما يفكر به، أن يعتقد بما يشاء وأن ينتخب من يحكمه؛ إن انتصار هذه القيم يكون بالتأكيد أسهل إذا كان ميزان القوى في صالح من يؤمن بها” (5).
لكن تصدير القيم الأمريكية لا يمكن أن يكون عبر الثقافة أو الإعلام أو العمل الإنساني، وإنما بشكل أساسي عبر النظرة القومية للاقتصاد والمؤسسة العسكرية والعلاقة بينهما. في تصور كهذا تصبح حقوق الإنسان بالتعريف الأمريكي الرسمي محصلة لسيادة الاقتصاد الأمريكي والقوة العسكرية الأمريكية الرادعة. تعبر رايس عن هذا بالقول “إن السياسات الاقتصادية العالمية التي تشكل رافعة لتقدم الاقتصاد الأمريكي وتوسع التجارة الحرة تعتبر أدوات أساسية في تحديد السياسات الدولية. إنها تسمح لنا بالوصول إلى دول متنوعة مثل الهند أو جنوب إفريقيا وبدفع جيراننا في النصف الغربي من الكرة الأرضية نحو مصلحتنا المشتركة في الازدهار الاقتصادي. إن توسع طبقة أصحاب الأعمال عبر العالم يشكل مصدر قوة لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الفردية، ويجب أن يتم فهمه واستعماله على هذا الأساس. إن كون السلام هو الشرط الأهم لاستمرار الازدهار والحرية فذلك يتطلب ضمان القوة العسكرية الأمريكية، والولايات المتحدة هي الضامن الوحيد للسلام الشامل والاستقرار. إن أي إهمال للقوات المسلحة الأمريكية يمس في قدرتها على بقاء السلام” (6).
هذه النظرة القومية الجديدة تتعامل بشكل أوضح مع أطروحة “التدخل الإنساني” الرائجة عند بعض المنظمات الإنسانية الشمالية بإعادتها لحظيرة المصلحة الاستراتيجية. فالعمل الإنساني، حسب تعبير السيدة رايس، “نادرا ما يكون إنسانيا”. في هذا التصور المسبق لأي عمل إنساني باعتباره عملا موظفا من قبل أصحابه لغايات محددة مسبقة، نفهم نظرة الشك والريبة في التعامل مع المنظمات الإنسانية غير الأمريكية. هذه المنظمات، إن لم تكن في خدمة الإدارة الأمريكية أو في فضاء يسمح بمعرفة تكوينها ووظيفتها وغاياتها، فهي بالضرورة تعمل لأطراف غير أمريكية، إن لم نقل معادية للمصالح الأمريكية (كما يفضل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد).
في إطار تحديد تعريفها للمصلحة القومية، تؤكد السيدة رايس على أن مفهوم الحد من التسلح ينتمي إلى مرحلة الحرب الباردة. بالتالي، من المفترض تجاوزه إلى مفهوم يؤكد على ضرورة اختراع أسلحة جديدة وبشكل دائم، فيما يضمن للولايات المتحدة هيمنتها العسكرية الحالية. أما بالنسبة للأعداء، فقد أعطت حرب كوسوفا برأيها درساً هاماً مفاده “أن القوى الصغرى التي تخسر كل شيء أكثر عناداً من القوى الكبرى التي يشكل الصراع بالنسبة لها واحدة من مشكلاتها. من هنا ضرورة التركيز على هذه القوى الصغيرة لأن خطرها أكبر”. (في رد على أطروحة لأكاديميين من الحزب الديمقراطي، تصنف مناطق الخطر على المصلحة القومية إلى أ- الاتحاد السوفياتي، ب- العراق وكوريا الشمالية، ج- مناطق التوتر في العالم كرواندا وكوسوفا).
ضمن نفس التوجه، نتابع كتابات هنري كيسينغر، الذي سبق رايس واحتل منصبها الحالي في حقبة الحرب الباردة. ففي دراسة له بعنوان “المأزق المستور للاختصاص الجنائي الدوليUniversal jurisdiction وفي نفس المجلة (عدد تموز – آب 2001) يحذر المسئول الأمريكي السابق مما يسميه “خطر الطغيان القضائي”: “إن الخطر يكمن في وضع طغيان القضاة مكان طغيان الحكومات. فتاريخياً، أدت دكتاتورية أصحاب الفضيلة إلى محاكم التفتيش ومطاردة وتعذيب المشعوذات” (7). بصراحة واضحة يتحدث هنري كيسنغر عن عداء صانعي القرار في الولايات المتحدة للمحكمة الجنائية الدولية. إنه يعيد إلى الأذهان أن حقوق الإنسان سلاح سياسي وليس مبادئ يدافع عنها محبة بها: “بوصفي أحد المشاركين الأساسيين في مباحثات النص النهائي لمؤتمر هلسنكي، أستطيع التأكيد بأن الإدارة الأمريكية التي مثلتها، كانت تعتبر الوثيقة، في المقام الأول، سلاحا ديبلوماسيا لمحاربة الشيوعيين” (8).
بعد شن هجوم حاد على نضال المنظمات غير الحكومية من أجل تعزيز الاختصاص الجنائي الدولي وقيام المحكمة الجنائية الدولية، يصر الدكتور كيسنجر على رفض هذه المحكمة بنظامها الأساسي الحالي مطالبا بتعديله. بانتظار ذلك، يقترح على مجلس الأمن تشكيل لجنة لحقوق الإنسان، ثم الطلب للحكومة المعنية بموضوع المحاسبة أن تقوم بها. وفي حال استحالة ذلك، تشكيل محكمة جنائية محدودة الموضوع والزمان ad hoc . بتعبير آخر، إبقاء كل من ارتكب أو يرتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية من مواطني الولايات المتحدة الأمريكية موضوع نقاش قومي داخلي. فيما يحمي السيد كيسنغر وقائمة هامة من المسئولين الأمريكيين من موضوعة الحساب في نطاق القانون الجنائي الدولي.
يتابع دونالد رامسفلد، في مداخلاته الصحفية ومقالاته المنشورة بعد الحادي عشر من أيلول منطق القوة بتعبيريها العسكري والاقتصادي لتأكيد الهيمنة الأمريكية على العالم. ولتفسير سياسته المطالبة بتصعيد كبير في برنامج التحديث وتعزيز القدرات العسكرية الأمريكية في الأعوام الخمسة القادمة، يركز وزير الدفاع الحالي على موضوعتي الخوف من عدو مجهول والتفوق العسكري كحل وحيد لمواجهته. فيقول في عدد آخر من المجلة المذكورة أعلاه (أيار – حزيران 2002)، في مقالة حول التحولات العسكرية: “إن التحدي الذي يواجهنا في القرن الجديد تحد مختلف: علينا الدفاع عن أمتنا ضد المجهول، غير المعلوم، غير المرئي، وغير المتوقع. يمكن أن يبدو ذلك مهمة مستحيلة، لكن ليس هذا هو الحال. للقيام بها، علينا أن نضع جانبا الطرق المريحة للتفكير والتخطيط – أن نأخذ المخاطر ونجرب أشياء جديدة – هكذا يمكننا مواجهة وهزيمة الخصوم الذين لم يبرزوا بعد ليتحدونا” (9).
يلاحظ من التداخل بين تضخيم قدرات العدو وخطاب عنجهية القوة سعي وزير الدفاع إلى تضخيم موازنة الدفاع بشكل هائل. فهو يطالب بزيادة قدرها 47 في المائة في مخصصات الدفاع الداخلية ووراء البحار، زيادة تبلغ 157 في المائة لحرمان العدو من الملجأ الآمن، 21 في المائة لمؤازرة البرامج البعيدة المدى في مناطق معادية، 125 في المائة لبرامج امتلاك التقنيات المتقدمة، 28 في المائة لبرامج مهاجمة شبكات المعلومات المعادية، وأخيرا 145 في المائة لبرامج تعزيز القدرة العسكرية للولايات المتحدة في الفضاء (10).
ترد كلمة حقوق الإنسان عند رامسفيلد عند الحديث عن أفغانستان في ظل طالبان، حيث يروق له الاستشهاد بتقرير منظمة العفو الدولية وتقرير منظمة هيومان رايتس وتش الأمريكية لعام 2001. أما بالنسبة لتوقيف قرابة 2450 شخصاً بمساعدة 90 دولة، في أقل من عام على حوادث أيلول، وبقاء 660 شخصا منهم في المعتقلات وفي ظروف تحقيق استثنائية (وفق احصائيات البنتاغون)، فهذا أمر تقدره الحكومات المعنية بالأمر. يقدر البنتاغون عدد المعتقلين في أفغانستان بقرابة 7500 معتقل من 40 جنسية ولا يعطي أرقاما بالمفقودين (الأمر الذي لا يشمل معتقلي غوانتانامو).
بقدر ما نرصد من إحصاءات دقيقة في شأن تطوير القدرة العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية، بقدر ما يتحول الخطاب إلى غامض وعام في كل ما يتعلق بضحايا الحملات العسكرية الأمريكية من المدنيين. ويتساءل دونالد رامسفلد: “هل يمكن العثور على طريقة ما عبر الوكالة الدولية للتنمية لتقديم المساعدة إلى الجماعات التي كانت بالخطأ ضحية كوارث تسببت بها القوات الأمريكية؟” (11).
هنا، الخبير في شئون تحديث القدرات العسكرية للولايات المتحدة لا يعطي الجواب!
__________
* باحث عربي يعيش في باريس، المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان ومحرر موسوعة “الإمعان في حقوق الإنسان”. هذا النص مأخوذ من محاضرة بالفرنسية حول الموضوع.
أخبار الشرق – 21 أيلول 2002
الحوار المتمدن