أبريل 14, 2024

أسئلة تسونامي

Tsunamiطرحت مأساة تسونامي الطبيعية عدة أسئلة كبيرة على المنظمات غير الحكومية في الشمال والجنوب. فمتابعة أكثر من ربع مليون ضحية لكارثة شملت أحد عشر بلدا وثقافات وأديان مختلفة، كانت بالفعل بالون اختبار لروح التضامن العالمي في الفضاء غير الحكومي، لمدى كرم وحماسة المجتمعات المدنية، وقدرة المنظمات غير الحكومية على النزول طرفا أساسيا في القضايا الكبيرة للبشرية وليس فقط في القضايا التكميلية وهوامش تعبئة الفراغات التي تتركها الدول والمؤسسات الإقليمية وبين الحكومية الكبيرة.

يمكن القول أن تسونامي أعطت فرصة أيضا للمنظمات غير الحكومية لمناقشة أساليب عملها وسقف تصوراتها المبدئية وأهمية المرونة في في عالم دورها فيه التأكيد على فكرة التقاسم ورفض أساليب السيطرة.

لو أخذنا المثل الفرنسي، نجد أنه ولأول مرة، تكون الحركة العفوية للتبرعات كبيرة بحيث سبقت تقديرات المنظمات غير الحكومية، وأحيانا سبقت وصولها إلى الميدان. فعلى سبيل المثل لا الحصر، تلقى الصليب الأحمر الفرنسي 105 مليون أورو، وتلقت منظمة “أطباء بلا حدود” 15 مليون أورو فقط لتسونامي. وقد حدث ذلك قبل صدور أي تقدير بالحاجيات الضرورية للتدخل الإنساني. بحيث يمكن القول أن أسلوب العمل قد خضع لهذه السابقة بل واضطرت منظمة “أطباء بلا حدود” لوقف جمع التبرعات حتى لا تتجاوز مجال تدخلها التقليدي أو تخرج عن نطاق عملها المعروف، في حين طرحت منظمات أخرى جديا مسألة الربط بين عمل الطوارئ والعمل البعيد المدى، بين خطط العمل الإنساني المباشر التأثير ومشروعات إعادة البناء والتنمية في المناطق المصابة، رافضة منطق تقسيم العمل بين حكومي وغير حكومي، ومقترحة تكوين كوادر محلية والتعاون مع التعبيرات المدنية والاجتماعية والثقافية والطبية المحلية لدراسة وسائل مساعدتها علىمواجهة النتائج المتوسطة والبعيدة لكارثة سونامي وليس فقط مسألة توفير المخيمات التي تسمح بالبقاء فترة انتقالية إلى حين إعادة تجميع الناس في وحدات دائمة للسكنى.

بعد خمس سنوات على مأساة ميتش في هندوراس وسنة ونصف على زلزال بام في إيران، جاءت تسونامي لتذكرنا بلا عقلانية التبرع والعطاء الشعبي، لتذكر بأن من واجب المنظمات غير الحكومية أن تكون مستعدة لكل ردود الفعل العامة، وأن واجبها أن تبني جسورا متينة بين الشمال والجنوب، بين الغني والفقير، بين فائض التقنية وفقر الدم التقني.. لتنجح فيما فشلت فيه الحكومات التي جعلت مصالحها دينها ونسيت القيم الكبرى للتضامن الإنساني التي تتجاوز اللون والعرق والثقافة والمعتقد.

18/7/2005