ديسمبر 06, 2024

لايوجد أي مؤشر على نجاح جنيف2

Dr. Manna 5أعلنت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا ( المعارضة الداخلية) عدم مشاركتها في جنيف II. وهيثم مناع يشرح ” بأن اربعة أيام قبل تنظيم المؤتمر لن تسمح للمعارضة بالدخول في المفاوضات بصوت موحد وبرنامج موحد ووفد موحد”، محملا كلا من الروس والأمريكيين مسئولية “عدم الضغط بما فيه الكفاية لتوفير ظروف ملائمة للتفاوض”، والائتلاف الوطني مسئولية ” التخلي عن استقلالية قرار المعارضة وتركه بين أيدي قوى أجنبية وإقليمية”.

أصدرت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سورية، بيانا يوم 15 يناير 2014 توضح فيه أسباب رفضها المشاركة في المفاوضات حول الملف السوري المزمع افتتاحها يوم 22 يناير في مدينة مونترو السويسرية لكي تتواصل فيما بعد في جنيف فيما يُعرف ب جنيفII. 

في الحوار التالي الذي خص به سويس إنفو يوضح السيد هيثم مناع رئيس الفرع الخارجي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سورية الأسباب التي دفعت الى هذا الرفض وما يتوقعه من مؤتمر جنيف II ، ومن يتحمل المسولية في كل ذلك.

Swissinfo.ch: السيد هيثم مناع ما هي الأسباب التي دفعت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي لرفض المشاركة في مفاوضات جنيف 2؟

 

هيثم مناع: هناك مثل عربي يقول ” كالساعي الى الهيجاء بدون سلاح”. نحن كنا نعد العدة من أجل أن نكون في وضع جيد وقادرين على الدفاع عن الحد الأدنى من مطالب الشعب السوري في مشاركة متزنة، وتمثيلية للمعارضة السورية في جنيف 2، وبناء على أساس إعلان جنيف 1 لثلاثين حزيران 2012 والذي كنا أول طرف يوافق عليه رغم كون لدينا تحفظات على ما جاء فيه.

 

لكن مع الأسف ، ورغم كل مشاركاتنا البناءة، ومحاولاتنا الوصول الى أجواء مؤهلة ومساعدة على عقد هذا المؤتمر، لم تبذل الدول الراعية أي جهد من أجل تحضير ذلك وتوفيره. عل الصعيد الموضوعي طالبنا بأشياء اقل مما قد تطالب به جمعية خيرية وليس منظمة حقوق إنسان. كوفي أنان طالب في نقاطه الستة بضرورة الافراج عن كافة المعتقلين السياسيين، نحن قلنا نكتفي بالمطالبة بالإفراج عن الأطفال والنساء والمعاقين والمرضى من المعتقلين لأن هذا وضع لا يمكن تحمله كإنسان. ولم نتكلم عن 70% من المعتقلين الذين هم في المعتقل بدون ناقة ولا جمل. نحن لم نطالب بالكهرباء ولم نطالب بالمواصلات الى المناطق المحاصرة التي وصلت الى 22 منطقة بعضها محاصر من قبل المجموعات المسلحة. هذه المناطق المحاصرة يجب أن يصل إليها الخبز والماء، أي وسائل البقاء على قيد الحياة. ومع ذلك لم يُبذل أي شيء في هذا الإطار.

نحن لم نُطالب بوقف إطلاق النار، بل اكتفينا بالقول فلتكن هناك حرب بقوانين الحرب. وهناك جرائم حرب تُرتكب عندما يتم القصف ببراميل الديناميت المدنيين. وطالبنا بوقف هذا الجانب من الحرب الذي يُعتبر جريمة حرب ، وأكملوا حربكم. حتى هذا لم تجري ضغوط جدية من أجل وقف القصف على المدنيين.

 

إذن نحن طالبنا بأجواء مُهيأة تجعل المجتمع السوري ينتسب للحل السياسي بأغلبيته الساحقة.

 

سويس إنفو: ومن يتحمل المسئولية في ذلك؟

 

هيثم مناع: أنا أظن بأن المسئولية الرئيسية تتحملها الدولتان الراعيتان، لأن المسائل التي نُوقشت بينهما منذ قضية الكيماوي حتى اليوم كانت ترتيبات تتعلق بنظرتهم للأمر ولا تتعلق باحتياجات الإنسان السوري ومصالح الشعب السوري. ورغم أننا لم نكن مبالغين في مطالبنا، فمع ذلك لم تجري ممارسة الضغوط من جل ذلك.

 

على صعيد تحديد الوفد ( المشارك في المفاوضات السلامية)، يبدو وكأن الأمور تُحدد من فوق. وفد المعارضة يُحدده المندوب الأمريكي، ووفد السلطة يحدده الممثل الروسي ، ونحن نتفرج. يعني بمعنى : الأمريكي أتى بأصحابه وشكل وفده على اساس المحاباة والموالاة وليس وفق الكفاءة. ومن كان له صوت مستقل، ويصر على أن يكون للشعب السوري صوتا في هذا المؤتمر يجري تهميشه وإبعاده. والمسئولية في ذلك مسئولية أمريكية روسية .كيف يقبل الروس بأن يُعهد بذلك للسفير الأمريكي روبيرتد فورد المعروف بما قام به الى جانب الكونتراس في نيكاراغوا، وكان في العراق، ورفضته الحكومة المصرية والمنظمات المدنية المصرية كسفير.

 

اليوم نحن في السادس عشر يناير ولم يقرر الطرف الذي اختاره السيد فورد وجماعته ليمثل الشعب السوري، بعد ما إذا كان سيذهب الى جنيف 2 ام لا. وإذا قرر غدا ( 17 يناير) فهو وفق إعلان جنيف، وحسب فقرة خاصة في هذا الإعلان، مضطر لكي يتصل بالأطراف الأخرى من أجل تشكيل وفد متوازن ومقنع وليس فقط وفد الإتلاف. إذن حتى ولو قرر الائتلاف المشاركة كيف يمكن أن نكون في وضع يسمح لنا بالدخول في هذه المعركة بعد أربعة ايام ببرنامج مشترك، وتصور مشترك ووفد مشترك؟

 

إذن هم وضعونا في ركن لكي نكون الطرف الأضعف في هذا الاجتماع إذا جرى شيء من هذا القبيل. ومن هنا فإن هذه الطريقة التي جرت بها الأمور هي جريمة في حق المعارضة السورية والشعب السوري.

سويس إنفو: معناه لم يتم الاتصال بهيئة التنسيق لحد اليوم من أجل تشكيل وفد المعارضة؟

 

هيثم مناع: من سيتصل بك. إذا كان صاحب الاتصال أي رئيس الائتلاف قد اتصل بنا قبل ذلك، واتفقنا معه على عقد اجتماع تحضيري في القاهرة تشارك فيه 40 شخصية من التعبيرين الأكبر ومن المنظمات الأخرى والشخصيات الاعتبارية الكبيرة المهمة في المعارضة لإمكانية الخروج بوفد مشترك، وبرنامج مشترك وصوت موحد وقوي. وكان هذا النقاش ليُعقد في التاسع والعاشر من ديسمبر. لكنه خرج ولم يعد، وحتى اليوم لم تأت أية إشارة لأن هناك صراعات في داخل الائتلاف. والرئيس ليس قادرا حتى على تمرير حتى ما تحدثنا بشأنه.

 

والوضع الذي يوجد فيه الائتلاف اليوم هو وضع لا يُحسد عليه، فإن اختار الذهاب الى جنيف 2، فسيخسرون وحدتهم الداخلية وقوتهم وما تبقى لهم من سمعة. وإذا ما قرروا عدم المشاركة فسيخسرون الدعم الدولي. لأن الأطراف التي تمولهم وتدعمهم ستقول لهم إذا لم تذهبوا فسنقطع عنكم الدعم.

 

سويس إنفو: إذن انتم تحملون الائتلاف ايضا المسئولية؟

 

هيثم مناع: من يتحمل المسئولية الأولى هو من جعل طرفا من المعارضة السورية طرفا تابعا لا يملك قراره المستقل ويخضع لقرار الأطراف التي تموله وتساعده وتعطيه الشرعية. لأن عندما يكون هناك طرف غير قادر على اتخاذ قرار او تنظيم اجتماع إلا بقرار سعودي او قطري أو فرنسي او أمريكي او بريطاني او تركي . فالأتراك يسحبون القائمة التركمانية عندما لا يُعجبهم الأمر. والقطريون يسحبون جماعتهم عندما لا يعجبهم الأمر . والسعوديون يهددون بوقف المساعدات إذا ما بيعجبهم الأمر. إذن نحن أمام قرار غير سوري ، وياريت هذا القرار غير السوري موحد، لأن كلا من هؤلاء له نظرته الضيقة لمصالحه، وحصة الشعب السوري من هذا كله هي الأضعف. لذلك نحن في الحقيقة في مشكلة ، من جهة بنيوية ، ومن جهة أخرى سياسية عميقة تحتاج الى مؤتمر وطني جامع للسوريين لإعادة تكوين المعارضة السورية بأكبر هيكل ممكن لكي نكون على الأقل صوتا قادرا على فرض احترامه على العالم.

سويس إنفو: وهل اقترحتم شيئا من هذا النوع؟

 

هيثم مناع: طبعا اقترحنا ذلك، وباشرنا بالأمس( 15 يناير) في اجتماع تشاوري مع كل الأطراف من داخل وخارج هيئة التنسيق الوطنية داخل البلاد في دمشق. وألان ستبدأ هذه المشاورات في المحافظات وهنا في الخارج في بلدان المهاجر السورية من أجل التحضير بأسرع وقت ممكن لمؤتمر وطني يتجنب نقاط الضعف التي حدثت في مؤتمر القاهرة الذي دعت إليه الجامعة العربية ويكون أكثر استقلالا ، يملك قراره ويملك القدرة على مع أكبر قدر ممكن السوريين الديمقراطيين القادرين على الدفاع على مصالح الشعب السوري بشكل قوي وبصوت قوي.

سويس إنفو: عندما تقول هيثم مناع ” أكبر قدر ممكن من ممثلي الشعب السوري”، تقصد كل الفئات ؟ وهل حتى المجموعات العسكرية؟

 

هيثم مناع: بالطبع بما فيه المشاركين في الائتلاف والذين لا نعرف ما إذا كانوا سيشاركون باسم الائتلاف او من خارجه.

 

بالنسبة للجماعات المسلحة هناك صنفان: صنف يقبل عموما بالعملية السياسية ، ويطالب بدولة مدنية وبمشروع ديمقراطي، وصنف لا علاقة له بذلك سواء كان سوريا او مهاجرا. فالصنف المهاجر الجهادي التكفيري الذي بوده إقامة خلافة والذي نصفه او أغلبيته من عناصر غير سورية هذا لا علاقة لنا به. ولدينا مشروع يطالب مجلس الأمن منذ أربعة أشهر بوضع كل المقاتلين الأجانب على الأراضي السورية خارج الشرعية الدولية. لكن مع الأسف كل طرف في مجلس الأمن يضع الحجة على الآخر ويقول نحن موافقون على مشروعكم. لكن لحد اليوم لم يُطرح هذا المشروع على الطاولة لعدم إحراج كل من يُساعد على الدخول الى الأراضي السورية وعلى المشارك في القتال في سورية سُنّة كانوا أم شيعة، في طرف النظام أم في طرف المعارضة، أم حتى ضد النظام وضد المعارضة.

سويس إنفو: لكن السيد هيثم، ألا تخشون من اللوم عليكم من أنكم تركتم الكرسي فارغا في مفاوضات حاسمة بالنسبة لمستقبل الشعب السوري قد تخرجه من محنته الحالية؟

 

هيثم مناع: والله إذا نجحوا، سنقول للعالم أجمع لقد كنا، ومَن وقف موقفنا، على خطأ. ولكن كل المؤشرات تدل على فشل المؤتمر إذا حدث في هذا التاريخ. لهذا نفضل أن نقول كلمتنا ونحذر من هذا الفشل حتى يبقى عند الناس أمل وتمسك بالحل السياسي، لأن الحل العسكري مستحيل. وحتى لا يصبح عندنا إحباط من الحل السياسي لا نريد عملية تشويه وتقزيم لهذا الحل بالشكل الذي تجري به الأمور الآن.

 

سويس إنفو: لماذا تتوقعون فشل جنيف 2؟

 

هيثم مناع: لا يوجد أي مؤشر لنجاح الاجتماع لأن النظام السوري لم يقدم أي تنازل. حتى الآن يقول بدون شروط بما فيه عدم الاعتراف بإعلان جنيف1. وحتى الإئتلاف الوطني لم يعترف بهذا الإعلان لجنيف 1. وبالإمكان أن يُدخلوا غدا عناصر أخرى غير إعلان جنيف في التفاوض الذي يطالب بحكومة انتقالية ومراحل أساسية لتراجع العنف وبداية التفكير للانتقال من دولة أمنية الى دولة قانون، ومن العنف الى الأمان لكل مواطن، ومن الهدم الى عملية إعادة البناء. كل هذه الأشياء ، المؤشرات الحالية لا تعطي انطباعا من أن أحدا أعد العدة لها.

سويس إنفو: أستاذ هيثم إذا كانت شروط عقد مؤتمر جنيف2 غير متوفرة، وإذا كان تشكيل وفد معارضة موحد لم يتم لحد الآن، وإذا كان الاعتراف بقاعدة جنيف 1 لم يتم بعد من قبل أطراف فاعلة من النظام والائتلاف الوطني، ما الهدف من قراءتكم للإصرار على تنظيم مؤتمر جنيف في 22 يناير؟

 

هيثم مناع: الحاجة الدولية لذلك. لقد استعجلوا علينا جنيف2 بعد أن ناموا ثمانية عشر شهرا لأنهم يخافون اليوم من توسع الحرب السورية الى حرب إقليمية تهز الأمن الأوروبي والدولي. للأسف أنهم يفكرون في أنفسهم ولا يفكرون بأن ما حصل في سوريا هو أكبر نكبة تحصل في بلد منذ الحرب العالمية الثانية. لذا هم يصرون على تاريخ 22 يناير ولما هذا التاريخ المقدس. بالإمكان إعطاء المعارضة الوقت وإعادة النظر في طريقة تكوين وفد المعارضة لتكوين وفد شامل وقوي وتمثيلي وقادر على أن يخوض المفاوضات بنجاح ضد الوفد الرسمي الحكومي. لقد رفضوا طلب التأجيل الذي تقدم به الائتلاف في اجتماع باريس ، ولا يُفكرون إلا في مصالحهم.

سويس إنفو: وكيف تتصورون ما بعد اللحظات الأولى من بداية مفاوضات جنيف 2 بالنظر الى مصير الشعب السوري في الداخل والخارج ووضع اللاجئين والمرحلين ؟

 

هيثم مناع: أعتقد بأن عمليات صغيرة قد تحدث لإنقاذ ماء الوجه في حال انعقاد المؤتمر. لكن المسار الكارثي سيستمر لربما بوتيرة أقل . لكن المشكل في أن الأطراف التي تحارب الحل السياسي ستحاول إثبات العكس. وحتى محاولات التهدئة الصغيرة سوف لن تكون مرئية بالعين المجردة لأنه سيكون هناك تصعيد من كل الأطراف المتطرفة التي لا تريد حلا سياسيا . وبالتالي نحن سنسقط في فخ اسمه :إعطاء صورة سيئة عن الحل السياسي وإعادة الناس الى اليأس لأنها يئست لحد الآن من الحل العسكري.

 

 محمد شريف – جنيف(سويس إنفو)

17 يناير 2014