أبريل 14, 2024

الصراع بين الامن السياسي والنشاط المدني منتشر

6446-000031 ليبيون في لندن يحذرون من مصير 12 معتقلا رغبوا بتنظيم تظاهرة سلمية بطرابلس عقدت ستة تنظيمات ليبية وعربية حقوقية ومعارضة للتعامل غير الديمقراطي مع المعارضين في ليبيا، وفي بلدان عربية اخري، مؤتمرا صحافيا في لندن تحدث فيه قياديون بارزون للمجموعات الداعمة لحقوق الانسان في العالم العربي، وبينهم الدكتور هيثم مناع (المسؤول في اللجنة العربية لحقوق الانسان ) والاستاذ محمد العربي زيتوت، ممثل منظمة الكرامة ، والاستاذ محمد عبد الملك رئيس مؤسسة الرقيب . وادار المؤتمر السيد حسين الامين الذي قرأ ايضا بيان الاتحاد الليبي للمدافعين عن حقوق الانسان .
ومع ان التركيز في المؤتمر كان على ابراز التخوف والقلق علي حياة نشطاء سياسيين ليبيين كانوا، حسب قول المنظمين، يعدون لتنظيم اعتصام سلمي في ميدان الشهداء في طرابلس يوم 17 شباط (فبراير) 2007 واعتقلوا جميعا من قبل السلطات الليبية يومي 16 و17 من الشهر نفسه قبل ان يقوموا بالاعتصام، فان المركز ركز ايضا علي قضايا اخري في مجال حقوق الانسان في العالم العربي. والمعتقلون الليبيون هم: الدكتور ادريس بوفايد، والكاتب جمال الحاجي، والمحامي المهدي صالح احميد، والكاتب فريد الزوي والدكتور جمعة بوفايد، وفرج صالح احمد والصادق صالح احميد، وعلي صالح احميد، وعادل صالح احميد، واحمد يوسف العبيدي، وبشير قاسم الحارس، وعلاء الدريسي.
واشار بيان وزعته في المؤتمر منظمة التضامن لحقوق الانسان ومركزها سويسرا، والتي لم يستطع ممثلوها الحضور، بسبب صعوبةحصولهم علي تأشيرة لدخول بريطانيا، ان هؤلاء الناشطين السياسيين قد يواجهون عقوبة الاعدام بعد ان وجهت لهم السلطات الليبية تهما ملفقة منها حيازة اسلحة وقنابل يدوية والتحريض والتخطيط للقيام بعمليات ارهابية  

والتخابر مع جهات اجنبية.
واكد السيد الامين ان اعتقال هؤلاء المعارضين تميز بالعنف حيث وجهت بنادق السلطة اليهم واخذوا عنوة من منازلهم وتم احراق جزء من منزل المحامي المهدي صالح احميد. واشار الي معلومات وصلته تنبيء عن وجود ستة من المعتقلين بينهم المحامي المهدي صالح واخوته واحمد يوسف العبيدي، في سجن الجديدة في طرابلس الغرب، وقد احيلوا علي محكمة استثنائية بتهم حيازة اسلحة للتخريب والاتصال بجهات معينة. ومما اوضحه الامين ايضا وجود دليل مادي (لا يمكنه التحدث عن تفاصيله) يؤكد بان المعتقلين يتعرضون لتعذيب متواصل. وهذا الدليل، حسب قوله، قدم لـ منظمة العفو الدولية (امنستي) ومنظمات حقوق الانسان وان اثنين من المعتقلين خضعا لعمليات جراحية بسبب التعذيب.
واضاف قائلا: اما بخصوص الدكتور ادريس بوفايد والكاتب جمال الحاجي والكاتب فريد الزوي، فلا ندري اذا وجهت اليهم اي تهم ولكن تم التأكد من وجودهم في مركز توقيف في السكة في طرابلس الغرب، ولم يسمح بزيارتهم لاي من اعضاء اسرهم، وهم معزولون ومحرومون من حقوقهم القانونية .
واكد الدكتور هيثم مناع ان صراعا يجري في كثير من انظمة العالم العربي بين ما سماه الامن السياسي من جهة و النشاط المدني الانساني من جهة أخرى. والامن السياسي الذي تمارسه الاجهزة القمعية الباطشة في هذه الانظمة استنادا الي عقلية القرون السابقة، له منطقه الخاص اذ يعتبر بان هدم المواطنة لدي الشعوب هو جزء من الامن السياسي للحاكم، فاذا جاء شخص كميشيل كيلو مثلا ليتحدث في العلاقات اللبنانية ـ السورية خارج المنظومة المسموح بها فانه “يعتدي” على مسألة “تخص” الضباط الامنيين في سورية.. واعلان بيروت ـ دمشق الذي كان ميشيل كيلو يروج له طرح ورقة سياسية مبدئية مفادها بأن المجتمع المدني له الحق في كسر احتكار الامن السياسي. ومن هنا فان كيلو (في سورية) والدكتور ادريس ابو فايد ورفاقه (في ليبيا) يشكلون خطرا اسمه التحدي المدني الانساني لا يمكن ان يتحمله نظام عسكري قمعي انتهى دوره التاريخي .
واضاف مناع قائلا: يجب ان يكون في عالمنا العربي الالاف على شاكلة ميشيل كيلو وادريس ابو فايد، والا نخاف من أنهما دخلا السجن. فقد مر بمثل هذا الاختبار أهم المثقفين العرب وقادة الرأي في سبيل الخروج من الأمن السياسي إلى الأمن الانساني والتخلص من تسلط قوي القمع .
واستطرد مناع قائلا: ان إعلان بضعة اشخاص عن وقفة سلمية في ميدان الشهداء في طرابلس الغرب فسّره قادة الامن السياسي في ليبيا علي كونه مناسبة لاعتقالهم واعطاء الدروس الى الآخرين، لكي لا يفكروا بمثل هذه الطريقة للتعبير عن آرائهم. ان هذه السلطة الامنية في ليبيا وغيرها لها منطق خاص مختلف عن منطق المؤمنين بالديمقراطية في العالم .
وتساءل قائلا: من هي هذه الجهات التي تعامل معها المحامي المهدي صالح احميد الذي اعتقل في اكثر من مناسبة حتى مل منه السجن؟لقد ارسلوا الينا فيلما وعرضناه تلفزيونيا كتضامن عربي ـ عربي، والقذافي يقول بانه تلميذ لعبد الناصر، فكيف يمكن اعتبار التعاون بين المناضلين السلميين العرب اتصالا بعناصر اجنبية؟ .
واشار مناع الى وجود عدد من المعتقلين العرب غير الليبيين في السجون الليبية، وان ما

شجع النظام الليبي على اعادة تشديد قبضته ضد معارضيه، هو ان امريكا قامت في السنوات التالية لاعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 باختطاف ونقل المشتبه بهم الي سجون موزعة في انحاء العالم لاستجوابهم وتعذيبهم قبل نقلهم الي المعتقلات الامريكية. وهذا التجاوز للشرائع الدولية الذي قامت به الدولة الكبرى التي تدعي انها تدافع عن الديمقراطية وحكم القانون وترغب بنشرهما في العالم شجعأنظمة كليبيا وأنظمة مشابهة في العالم العربي على ممارسة المزيد من القمع، حسب قول الدكتور مناع.
ووصف مناع معتقلي الرأي في ليبيا، وفي البلدان العربية الأخرى التي تمارس هذا النوع من الاعتقال ضد المعارضين السلميين المدافعين عن الحقوق المدنية، بأنه يوازي اعتقال داعية حقوق السود الامريكيين الراحل مارتن لوثر كينغ في الولايات المتحدة.
وانتقد مناع بشدة الاحكام التي صدرت في سورية مؤخرا بالسجون لسنوات عديدة تتراوح بين 5 و12 سنة على ممارسات لمواطنين مدنيين لا تتعدي الرغبة بالعمل السياسي المعلن او توزيع عرائض للتوقيع، أو جمع التبرعات. واشار إلى تزايد مثل هذه الممارسات في عدد من البلدان العربية الاخرى وبينها تونس.
وطالب بانشاء شبكة عربية للتضامن مع المعتقلين في ليبيا مما قد يفتح الباب لتعاون اكبر بين منظمات حقوق الانسان في العالم العربي،ومنها 25 منظمة حتى الان انضمت إلى اللجنة العربية لحقوق الانسان في هذه الحملة .
وتحدث محمد العربي باسم منظـمة الكرامة لحقوق الانسان، ومثل في الوقت عينه اللجنة الليبية للحقيقة والعدالة (ومركزها سويسرا) واستهل كلمته بقوله ان النظام الليبي ما يزال يرهب مواطنيه، حتي من جانب هؤلاء فيه الذين يريدون تحسين صورته بعد تخليه عن محاولةالتسليح النووي .
وقال انه بين عامي 1991 و1995 كان نائبا للسفير الجزائري في ليبيا، وصدم كثيرا لما رآه بعينيه من ممارسات النظام الليبي ضد شعبه.
واوضح بان اهم ما تتميز به منظمة الكرامة تعاملها العملي المباشر مع آليات الامم المتحدة المتعلقة بحقوق الانسان. وان المنظمة رفعت مئات القضايا في السنوات الثلاث الماضية الي الجهات الدولية بينها 40 قضية من الملف الليبي، ومنها قضية الدكتور ادريس بوفايد في مناسبة سابقة (تشرين الثاني/ نوفمبر 2006) وقد اطلق سراحه في كانون الاول (ديسمبر) من العام نفسه، والان المنظمة تتابع اعتقاله للمرة الثانية.
ولدي طرح سؤال عن سبب عودة الدكتور بوفايد الي ليبيا بعد اعتقاله والافراج عنه في مناسبة سابقة وعما اذا كان بالامكان التوسط للافراج عنه وعن رفاقه مع سيف الاسلام القذافي ومنظمته اجاب المناع: في الفترة الاخيرة وفي عدة بلدان عربية هناك مشاورات حول عودة المعارضين الي بلدانهم. وانا من الاشخاص الذين عادوا، ويوجد اتفاق بان كل شخص يعود يعطي تفاصيل دقيقة عن عملية سفره (الطائرة والمواعيد والفنادق الخ…) ولكن عندما ابتدأت الدول الغربية الكبري (امريكا وحلفاؤها) بعمليات الخطف والتسليم بعد 11 ايلول (سبتمبر) 2001 وقامت باربعين عملية او اكثر من هذا النوع سادت حالة من الفوضي في العالم اذا لم تعد تتوافر اي حماية دولية لعودة المعارضين الي بلدانهم. وكان النظام الليبي (وغيره) قبل 11 ايلول (سبتمبر) 2001 يحسب حساب المفوضية الدولية لحقوق الانسان ومقرراتها في اجتماع جنيف لعام 1997 ويحاول ان يظهر وكأنه يستجيب

للشرائع الدولية. اما بالنسبة لسيف الاسلام القذافي، فنحن لا نعرف اذا كان الاخوان الليبيون الان رافعين ايديهم عنه. وقد تم استعماله في الماضي. ولكن بدا لنا كمؤسسات حقوق انسان انه لم يحقق وعوده، ولذلك قررنا مقاطعته وانا شخصيا حلت دون حضور مؤسسته لحقوق الانسان مؤتمرا دوليا بسبب ذلك. ونحن لسنا ضد الطلب من سيف الاسلام، او امثاله المساعدة في الافراج عن المعتقلين عبر شخصيات مقربة من الانظمة وقادتها ومن حقوق الانسان في الوقت عينه، ولكن هذه ليست الوسيلة الوحيدة للدفاع عن حقوق الانسان وتثبيت وجود المجتمع المدني الانساني في الدول القمعية .
واضاف: ان قيادات الدول القمعية تخشي ادريس ابو فايد وانور البني وميشيل كيلو والنشطاء الاخرين لانهم اذا فتح المجال امامهم سيطالبون باجراء تحقيقات حول السجون التي مورس ويمارس فيها التعذيب وحول المساجين الذين ما زالوا يقبعون في السجون حتي بعد انتهاء عقوباتهم والذين ماتوا فيها وقد يطالبون بتوسيع التحقيق في قضايا كبيرة جدا .
اما محمد عبد الملك المسؤول في مؤسسة الرقيب لحقوق الانسان (بريطانيا) والذي ناب عن منـظمة التضامن لحقوق الانسان (سويسرا) فاجاب علي السؤال قائلا: نحن كمؤسسة الرقيب ليس لنا اتصال بسيف الاسلام، ولكن مؤسسة اجتماعية اخري اتصلت بمؤسسته حول موضوع المعتقلين في ليبيا، وحصلت علي وعود. والدكتور ادريس بوفايد دخل الي ليبيا بعد عشرين عاما علي غيابه واعتقل للمرة الاولي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 ثم افرج عنه بعد شهر. وهو كان يدرك مخاطر عودته في مطلع هذا العام. ولعل النظام الليبي يعتبر بان عودته شكلت تحديا من جانبه لهذا النظام وتصرف علي هذا الاساس ولفق التهم ضده وضد مجموعته . واشار في كلمته الي الحضور الي ان النظام الليبي عاد الي استعمال القبضة الحديدية مع الخصوم ولانتهاك ابسط حقوق المعتقلين ولاعتماد محاكم مطعون بنزاهتها . وقال ان منظمة التضامن قلقة ازاء العودة الي محكمة الشعب الملغاة والي تشريعات قديمة استخدمت في اواخر ستينات ومطلع سبعينات القرن الماضي في ليبيا.
واوضح ان ليس الاعتقال وحده اقلق منظمة الرقيب بل ايضا الطـــريقة التعسفية التي مورس فيها.
وتحدث عن سجناء اختفوا منذ سنوات ولا توجد اي اخبار عنهم وابرزهم منصور الكيخيا والامام موسي الصدر. وقرأ السيد حسن الامين مدير المؤتمر، ورقة الاتحاد الليبي للمدافعين عن حقوق الانسان (ومركزه المانيا) ولكنه سبق ذلك بقوله ان منظمة القذافي الخيرية تدعي بانها جمعية راعية لحقوق الانسان، ولكن بعض المحققين مع المعارضين الليبيين ينتمون الي هذه الجمعية . واضاف ان البدعة الجديدة للنظام الليبي هي بدعة امتلاك المعارضين للاسلحة.. وهذا نهج جديد في تلفيق الاتهامات، واشار الي وجود اخبار تبعث علي القلق عن احد المعتقلين في المجموعة الليبية الاخيرة توفي تحت التعذيب علما ان ثلاثة سجناء اخرين بتهم اخري توفوا الشهر الماضي، كما اوضح بان الحالة الصحية للمعتقل احمد يوسف العبيدي في سجن ابو سليم تسوء وخصوصا لكونه من المعاقين جسديا ويحتاج لرعاية خاصة. وعبر عن خشيته بان تلفيق تهمة حيازة الاسلحة ضد الدكتور ادريس ورفاقه قد يقودهم الي المنشقة.
واهم ما ورد في بيان الاتحاد الليبي (المانيا) ضرورة الكشف علي مصير جميع السجناء

السياسيين والمغيبين قسرا والعمل علي اطلاق سراحهم جميعا، وبينهم منصور الكيخيا، عبد الله، عزت المقريف، جاب الله مطر، والمجموعة المعتقلة اخيرا . ونبه البيان بدوره الي امكانية تعرض اديس بوفايد ورفاقه لعقوبات جسيمة قد تصل الي الاعدام نتيجة لاتهامهم بتهم لا اساس لها من الصحة .

12/05/2007    القدس العربي

لندن ـ القدس العربي ـ من سمير ناصيف