السلام عليكم
أخيرا حلقة تلفزيونية لحقوق الإنسان
لم يكن الحلم بعيدا، وأكثر من مرة وصلت اللقمة إلى الفم كما يقول المثل الشعبي، وكان الخوف يغلب حينا، والتردد أحيانا أخرى.. فحقوق الناس، أشخاصا وشعوب موضوع مواجهة، والفضائية أداة تواصل مباشرة مع كل الناس. وإذا فشل التلفزيون الفرنسي في التسعينيات في الاستمرار ببرنامج تلفزيوني عن حقوق الإنسان وتوقف أكثر من برنامج تلفزيوني إثر اتصال هاتفي من قصر رئاسة هذه الدولة أو تلك، وأغلق مكتب أكثر من محطة تلفزيونية لتطرقها لهذا الملف، فلماذا نقدم برنامجا يحمل في طياته العد العكسي لموته؟
نحن نعتقد بأن هذا البرنامج ضروري وحيوي لحاضر ومستقبل العالمين العربي والإسلامي، فهو الوسيلة الأفضل للتعرف على الذات والسبيل الأنسب لاستقراء سبل الخروج من الأزمات وسبيل من سبل وقف عملية تدنيس الوعي وطريق من طرق اقتصاد العنف وتعزيز السلم الأهلي. إنه وسيلةُ حوارٍ بين الناس في حقوقهم وجسرُ تواصلٍ بين الحاكم والمحكوم. كل مسئول حكيم يحتاج لأن يسمع رأي الآخر فيه لا أن يتموضع حول رأيه الخاص ورؤيته الخاصة لبلده. وعندما يُحرم الحاكم من النظرة النقدية لنظام حكمه، يحوله إلى شكلٍ مقدسٍ سرعان ما يصبح مكلسا وبالتالي يتراجع من تعيس إلى أتعس.
بالنسبة للدولة كما الحال للمجتمع، درهم وقاية خير من قنطار علاج، والمعالجة الأسلم والأفضل هي المعالجة المبكرة وكلما أزمن وضع كثرت عقابيله وقلت سبل الخروج منه.. لذا هذا البرنامج يحاول أن يتوجه إلى الجميع لأن الجميع برأينا معني بالإصلاح والجميع معني بالنقد. يختصر جوليان بارنيس العلاقة بين الوطنية والمواطنة بالقول: إن أرقى أشكال الوطنية، أن يشير المرء لبلده، عندما يتصرف بشكل غير مشرف، غبي أو مشين.”.
حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من الصراع السياسي والثقافي والقانوني في الأزمنة المعاصرة. وعندما نقول حقوق إنسان لا نعني بذلك الاعتقال السياسي وموضوع المفقودين والتعذيب فحسب، فهذه ليست سوى ثلاث موادٍ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أصل ثلاثين:
التعليم حق من حقوق الإنسان
الصحة حق من حقوق الإنسان
الحق في السفر والتنقل بحرية من وإلى بلد المنشأ حق من حقوق الإنسان
التنمية حق من حقوق الإنسان
السكن المقبول حق من حقوق الإنسان
تفادي الخط الأحمر للغذاء حق من حقوق الإنسان
حق التجمع والتنظيم في جمعيات وأحزاب حق من حقوق الإنسان
حق امتلاك صحيفة مستقلة وموقع انترنيت من حقوق الإنسان أيضا…
هناك عدد لا حصر له من المواضيع التي تشكل أساسا لبناء ثقافة حقوقية يحتاجها المواطن في العالمين العربي والإسلامي مثل:
دور الثقافة العربية الإسلامية في نشأة الحقوق الأساسية للبشر،
حقوق الطفل في التاريخ والواقع العربيين،
الإسلام وحقوق المرأة،
نشوء فكرة الجمعيات الخيرية والإنسانية منذ القرن الثاني الهجري إلى يومنا،
ولادة الجمعيات والنقابات الحديثة التشكل في القرن التاسع عشر وعلاقتها بالنهضة في المشرق والمغرب،
كل هذه المواضيع مهمة وضرورية للحاكم والمحكوم، وهي أساس لرفع درجة الوعي العام ومهمة مركزية للإعلام العربي.
كيف يمكن للحكومة المصرية أن تواجه مشكلة العجز في المدارس لاستيعاب أكثر من خمسين بالمائة فقط من الأطفال المصريين في المدارس الابتدائية؟
كيف يمكن للحكومة السودانية معالجة المشاكل الاجتماعية والتعليمية والنفسية للأطفال النازحين بسبب الحروب في الجنوب والغرب؟
كيف يمكن للحكومة اليمنية يناء الثقة بالعلاقات المدنية والسياسية والنقابية لتخفيف الغلو القبائلي؟
هل من واجب دول الجنوب احترام حق الشركات الغربية في صناعة الأدوية الضرورية لحياة الأطفال؟ وهل موقف اتفاقية حقوق الطفل من عمل الأطفال في البلدان الفقيرة موقف نظري ؟ هل بالإمكان إيجاد حلول لمشكلة البطالة في بلدان الجنوب في حين أن بلدان الشمال لم تنجح في مواجهة هذه الآفة؟
كيف تنعكس سياسات إعادة الهيكلة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟
لقد بدأت سيرورة النصوص الدولية بتتابعٍ مع الصراع بين مدرسة الحماية الدولانية ومدرسة عالمية السوق التي انتهت بسيادة ما أصبح يعرف بالعولمة على أهم نواظم الاقتصاد العالمي في نهاية القرن الماضي. واليوم أصبح الاستعمال العشوائي والمفرط لرأس المال على حساب الإنسان والسيطرة البشعة للقوة على حساب العدالة في صلب إعادة الاعتبار لحقوق الإنسان، ليس باعتبار هذه الحقوق الإيديولوجية المحمولة من قبل الإدارة الأمريكية والشركات المتعددة الجنسية، وإنما كإحدى جداول المقاومة الرئيسية لبربرية السلعة وعنجهية القوة وإصلاح النظام العالمي الجديد. فبين أن يقف المدافعون عن هذه الحقوق وراء البيان العاجل والخبر الصحفي الهام الذي يجعل جل جهودهم تنصب في خنادق الدفاع عن الأفراد في آخر معاقل الديكتاتورية السياسية في عالمنا، أصبح السؤال الهام: كيف يمكن أن نواكب حقبة الانتقال التي عاشتها البشرية من الدولة-الأمة إلى مرحلة الدولة كضرورة والسيادة كمفهوم نسبي. كيف يمكن النضال من أجل كل الحقوق للجميع؟
بتعبير آخر، كيف يمكن أن يتم توظيف تراجع مفهوم السيادة لحساب شرعة حقوقية دولية فاعلة تعطي العالمية بعدها الإنساني، لا أن تكون انتقالا من الحاكم المحلي إلى المدير العام للبنك الدولي ومجلس إدارة الشركات المتعددة الجنسية وواشنطن؟
كيف يمكن إبداع تصورات برنامجية ونضالية تحول دون الإنتاج الواسع للفقر والمرض والجهل في عالم جعل من التطور غير المتكافئ قانونا أساسيا للعلاقة بين الشمال والجنوب؟
أخيرا كيف يمكن وقف التسارع الهندسي في الهوة بين عالم الفقراء وعالم الأغنياء دون أن تطرح على الطاولة قضية الحق العام في الصحة والعلوم والثقافة؟ أي إلغاء حقوق الاختراع والإبداع في كل ما يتعلق بحقي الصحة والتعليم؟
ما هي العلاقة بين الحركات الدينية السياسية وحقوق الإنسان؟
ما هي العلاقة بين الإسلام والقانون الإنساني الدولي؟
ما هي العلاقة بين الأديان في الغرب وآسيا وموضوعة حقوق الإنسان؟
هل ماتت الإيديولوجيات بالفعل مع سقوط جدار برلين وأصبح التنظير الآني منذ ما يعرف بالحرب ضد الإرهاب مدرسة سياسية جديدة، أم ما زالت هذه الإيديولوجيات طرفا في الصراع السياسي والاستراتيجي؟ وإن كان هذا هو الحال:
كيف يمكن النظر إلى المدرسة الليبرالية والليبرالية الجديدة من منظار حقوق الإنسان اليوم؟ الأمر الذي يشمل مناقشة موضوعات جوهرية مثل: مفهوم الفرد، معنى حماية الفرد، الحرية الاقتصادية والحرية السياسية.
مع تراجع الأفكار الاشتراكية، إلى أين آلت العلاقة بين الأحزاب الاشتراكية وحقوق الإنسان؟
وما هي طبيعة العلاقة بين حق الشخص وحق الشعب، الصراعات الطبقية وحقوق الإنسان، الديمقراطية والاشتراكية؟
مع نشوء أفكار قومية وشوفينية جديدة في عدة بلدان في العالم كيف تناولت هذه الاتجاهات مفاهيم الحق، دولة القانون والعالمية؟
ما هي أهم إشكاليات العلاقة بين الحكومي وغير الحكومي، بين المجتمعي والسياسي، وكلاهما والحقوق إنساني؟
أليس تفكيك التربية التسلطية شرط لبناء مجتمع المشاركة والمواطنة واحترام الآخر؟
ما هي أهمية فتح مناقشة عامة حول مناهج تعليم الأطفال وضرورة تطرقها لحقوق الإنسان؟
أليس من الواجب التعمق في بعض الموضوعات المطروح إدماجها في المغرب والسنغال في مناهج التربية كالتسامح والمساواة والحق والمواطنة،
ماذا عن الحقوق التي تشكل موضوع خلاف في عالم حقوق الإنسان وخارجه مثل:
حق التنمية، حق العودة، الإبادة السياسية، حق التدخل، حق المحاسبة في قضايا الفساد، حق الملكية، مفهوم الجماعة المستضعفة(لجوء، هجرة، عمر، جنس، أقليات، المهمشون)، حق التضامن، حقوق البيئة.
سيكون شرفا كبيرا لهذا البرنامج أن يجمع بين الفائدة والتشويق وبناء الوعي الذي يعتبر كرامة الإنسان نقطة جامعة ضرورية لكل الناطقين بالضاد على اختلاف تياراتهم واتجاهاتهم وجنسياتهم ومواقعهم.
معكم وبمساعدتكم نبدأ ونأمل الاستمرار
12-01-2009