مارس 29, 2024

الإسلاموفوبيا كإشكالية حقوق إنسان

islamphopia

مثل تعبير العداء للسامية، الإسلاموفوبيا تعبير ولد في أوربة حيث نجد أول آثار استعماله في 1925. وأيضا مثل العداء للسامية، لا فرق إن كان المصطلح خطأ شائعا أو مناسبا، فلن يلبث أن يلبس الثوب المعبر عن إشكالية حقيقية تمس موضوعتي التمييز والعنصرية المحددتين المعالم تجاه جماعة بشرية: الإسلاموفوبيا عند تيار من الباحثين ورجال القانون وحقوق الإنسان، هي التعبير عن ظاهرة العداء والخوف من الإسلام، ضمن تكوين نمطي مسبق ينطلق من “مسلمات” تم تأصيلها في الثقافة الأوربية السائدة وجعلها أكثر قدسية من الأديان نفسها:

أولى هذه المسلمات، الصلة العضوية بين الإسلام والعنف

ثانيها التعارض المبدئي بين الإسلام والديمقراطية

وثالثها، العداء المطلق بين الإسلام والعلمانية

ولم يكن بإمكان هذا النمط أن يصعد إلى السطح دون تعزيز فكرة الخطر الإسلامي منذ نهاية الحرب الباردة بشكل عام، ومنذ انطلاقة الحرب على الإرهاب بشكل واضح.

يمكن للباحث أن يعتمد أكثر من منهج في دراسة أصول ظاهرة العداء للإسلام في الأزمنة المعاصرة، وعندما نتحدث عن العداء للإسلام، لا نتحدث بالتأكيد عن حرية التعبير والنقد في عالمي الإسلام والحركة الإسلامية السياسية.

وإن كانت بعض هذه “المسلمات” تعود لأكثر من قرن، فيمكن القول أن سنوات 1978-1982 قد شكلت منعطفا هاما لتعزيز هذه الصورة النمطية انطلاقا من عدة عوامل جيو سياسية من جهة وسياسية اقتصادية من جهة ثانية.

فمن الناحية الجيو سياسية شكلت هذه السنوات سنوات صعود لعدة حركات إسلامية سياسية. ورغم اختلاف الدوافع والأسباب بل والمقومات الإيديولوجية (كالتباين بين قيام جمهورية إسلامية شيعية في إيران وحركة مسلحة للطليعة المقاتلة في سورية وحركة جهيمان العتيبي في السعودية للمثل لا للحصر)، إلا أن هذا التمايز لم يكن يُرى بالعين المجردة في الغرب، فهناك خطر إسلامي وحمّى إسلامية، هذه الحمى تهدد الحضارة الغربية. جاء ذلك مع بداية ولاية البابا يوحنا بولس الثاني ووصول المحافظين الجدد للسلطة في شخص الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، ولكن أيضا وصول الدبابات الإسرائيلية لثاني عاصمة عربية بعد القدس في عدوان 1982 على لبنان. أي في حقبة ضبابية على الصعيد العالمي واضطرابية على الصعيد الإقليمي مع أزمة عميقة يعيشها اللوبي الموالي لإسرائيل في الغرب عبر كشف الغطاء عن فكرة الحروب الوجودية لدولة إسرائيل. العداء للإسلام في هذا الوضع ضرورة لأكثر من تيار إيديولوجي وسلاح نافع لأكثر من تيار سياسي خاصة وأن هذا الوضع ترافق على الصعيد الأوربي مع واقعتين في غاية الأهمية:

الأولى تزايد عدد المهاجرين المسلمين إلى أوربة والثاني تصاعد أزمة البطالة ودخول القارة الأوربية في فترة إعادة تكوين قدراتها الصناعية وفق معطيات الثورة التكنولوجية الجديدة.

هذا التزايد يظهر جليا عبر بعض الإحصاءات المعبرة، والتي كانت السياسة الاقتصادية الأوربية مسئولة عنها مباشرة. فعدد القادمين من شمال إفريقيا عام 1946 لم يكن يتجاوز 100 ألف شخص رغم وجود دول المغرب الكبير تحت الاحتلال الفرنسي واعتبار الحكومة الفرنسية للجزائر جزءا من الأراضي الفرنسية؟. في حين بلغ عدد القادمين بطلب من المؤسسات الفرنسية في عام 1975 مليونين وأربعمائة ألف مهاجر. وفي ألمانيا يمكن متابعة التقدم نفسه بالنسبة للجالية التركية. ولو أخذنا أرقام الهجرة التركية لأوربة نجد أن عدد المهاجرين قد قفز من 715 ألف مهاجر عام 1974 إلى ثلاث ملايين ونصف المليون قبل عامين. في حين تضاعف عدد العاطلين عن العمل في الفترة التي أشرنا لها إلى أكثر من 160% في  (1978-1982) في دول الهجرة الرئيسية في أوربة.

ورغم أن القارة الأوربية قد أرسلت إلى العالم في المائة عام التي تبعت الحروب النابليونية قرابة 60 مليون مهاجر (كما يوضح بادلي بينز في كتابه: الهجرة من أوربة 1815 – 1930) لم تستطع أوربة الغربية هضم فكرة هجرة طبيعية كانت مؤسساتها الاقتصادية المحرض الأول على حدوثها، ولا يمكن إلا أن تستمر، في عالم صارت حركة البشر جزءا لا يتجزأ من نظام اقتصادي وثقافي وإعلامي يرفض الحدود.

ترافقت هذه التغييرات البنيوية بأزمة هويات على الصعيد العالمي، عززها إعادة اكتشاف الهوية الأوربية المتعددة القوميات المختلفة المسارات، ومخاض هذه العملية على الذات المهاجرة سمراء وسوداء في مجتمعات جعلتها الأزمة الاقتصادية تنمي ثقافة خوف جديدة لم تلبث أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن أعطتها صفة “العدو الإرهابي” بعد أن كانت في حدود تهميش وتحديد أثر الآخر الإسلامي الذي يدخل الحرمة الأوربية بدون جواز سفر كون “أوربة المتعددة” في الواقع لم تقبل بعد في التصور طابعها المتعدد الإثنيات المتعدد الثقافات والمتعدد الأديان والألوان. لذا لم تكتف الطبقة المثقفة السائدة الأوربية بإهمال ظاهرة الإسلاموفوبيا أو تجاهلها، بل شنت حملة ضروسا على من يتحدث عنها في خطاب يعتمد العناصر التالية:

1-  إن من أوجد هذه الكلمة هم الملالي في إيران لوقف أي نقد تجاه حكومتهم (طبعا يتناسى هذا النقد أن هذه الكلمة استعملت أول مرة حسب علمنا عام 1925 في بيان يتحدث من وقعه عن هوس مفرط في الإسلاموفوبيا في فرنسا.

2-  أن الخطر الإسلامي خطر داخلي على أوربة باعتباره يبني جزرا منعزلة عن الجماعة ويعيد إنتاج العداء للسامية، وهو يتعدى حدود القارة ليمس مستقبل دولة إسرائيل.

3-  هناك نوع من الابتزاز “الشانتاج” المسمى بالإسلاموفوبيا، الإسلام فيه يصبح غير قابل للدراسة أو النقاش أو النقد، دين له وضع خاص ينصّبه فوق حرية التفكير والعقيدة والرأي وهو سلاح للإسلاميين ضد العلمانية والحداثة. (معظم من كتب حول “الابتزاز بالإسلاموفوبيا” يعّرف نفسه أو يعرفه الناشر كمناصر لإسرائيل).

لن نناقش مدى صلاحية ودقة مصطلح “الإسلاموفوبيا”، فالأخطاء الشائعة في أي تعريف تسبق فقهاء اللغة وبحاثة العلوم الاجتماعية، ما يهمنا اليوم، هو أن عملية بناء الشرعنة الثقافية والفكرية للإسلاموفوبيا قد تعززت في أوربة خلال الربع قرن الأخير ووصلت وفق أخصائيي الأمم المتحدة إلى درجة خطيرة يمكن اختصارها بالقول: المواطن الأوربي المسلم المعتقد هو اليوم كائن مشكوك بأمره حتى يثبت العكس،فيما يعبر عنه بصراحة مجموعة من المثقفين الاستئصاليين ورجال السياسة. في الكتابات التي تبعت صدور مؤلف دوفيليه “مساجد رواسي” حول حرمان عدد من المسلمين من بطاقة المرور الخاصة بهم في مطار شارل ديغول لأسباب أمنية، أحصينا ستة مقالات في مجلات وطنية؛ لا تنتمي لليمين المتطرف أو العنصري؛ تعتبر من الطبيعي عدم السماح لشخص يصلي خمس مرات في اليوم، ويذهب للمسجد عندما يستطيع، وقد أدى فريضة الحج أو يتمنى ذلك، مع إطلاق اللحية بالوصول لمناطق حساسة في الطائرات وأمنها.

يعتبر دودو ديين، المقرر الخاص للمفوضية السامية لحقوق الإنسان عملية بناء الشرعنة الثقافية من قبل بحاثة وكتّاب وصحفيين تشريعا للحقد والكراهية تجاه الإسلام والمسلمين وهي تصنف بالنسبة له ضمن ظاهرة التمييز والعنصرية باعتبارها تربط بين الإسلام والعنف والإسلام كعدو للحريات وحرية التعبير بشكل خاص والإسلام والإرهاب منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001. وفي هذا الفصيل الذي يتبنى موضوعة “الخطر الإسلامي” ضمنا أو علنا، تلعب جماعات الضغط الماسونية كذلك الموالية لإسرائيل دورا مركزيا خاصة من أسميهم “مثقفي الحداثة الكاذبة pseudo”. فإن كانت الحركة الماسونية تزاحم البلاشفة في مطلع القرن الماضي محاولات بناء جسور مع مفكرين ومصلحين إسلاميين، فهي اليوم تقف موقف المشكك والرافض لكل تعبير إسلامي مهما كانت طبيعته، باسم علمانية نقية وصحية ضرورية للحفاظ على الحريات الأساسية في أوربة. أما جماعة الضغط الموالية لإسرائيل، فتجد بكل المعاني في تشكل جماعة بشرية مسلمة سياسية وثقافية واقتصادية خطرا مباشرا على ما بنته خلال أكثر من قرن. فلا يمكن للديمقراطية الأوربية في عقر دارها أن تعامل المسلمين كما عاملتهم فرنسا في الجزائر، أي أن لهم حق اسمه التصويت وقوة عددية في الحسابات الانتخابية. هنا لا يمكن الحديث عن الإسلام السياسي أو الإسلام الجهادي، نحن أمام جماعة عضوية organic ترفض فرضية تشكل جماعة عضوية تفوقها عددها وإن كانت لا تضاهيها لا في التنظيم ولا في القدرة المالية والسياسية والثقافية. لكنها جماعة في طور التكوين من هنا يصبح تفتتها هو الحل المقبول. لسنا هنا أمام مشكلة سياسية أو ثقافية، نحن أمام مشكلة عصبية بالمعنى الخلدوني للكلمة. حيث يقبل هذا “المناضل العلماني النقي” تزاوج الوعد الإلهي بوعد بلفور والدولة الدينية بالدولة القومية الصهيونية” في إسرائيل، لكنه يرفض أي طابع ديني للنشاط لسياسي أو الثقافي الإسلامي. اعتبار أي نقد لإسرائيل عداء للسامية في حين من الضروري الوقاية من الإسلام بكل وسائل الذم والقدح باعتبارها جزء أساسي من حرية التعبير. في لا وعي هؤلاء، المسلم كائن خارج عن الزمان والمكان كما ينوه إدوار سعيد، ولا يجوز أن نأمل منه خيرا إلا إذا طبقنا مبدأ كارل ماركس في القضية اليهودية: أي عندما يتحرر من إسلامه. ولعلنا ندفع ثمن المكانة القوية في الجهاز الإعلامي لأشخاص مثل آلان فنكلكراوت أو برنار هنري ليفي ومثقفي اللوبي الموالي لإسرائيل الذين أثبت وصول نيكولا ساركوزي للحكم أن موقفهم من قضايا مثل إسرائيل والإسلام أهم من التصنيف الكلاسيكي يسار-يمين أو ليبرالي-اشتراكي. ماذا يمكن أن نرد على مثقف يعتبر نفسه أوربي عندما يعتبر أهم موبقات هوغو شافيز التي تتطلب مقاطعته غربيا تحالفه مع أحمدي نجاد “الذي يريد إزالة دولة إسرائيل”؟ هذا التبسيط لا يختلف عن تبسيطات القاعدة وجورج بوش الإبن في رؤية العالم المختزلة والممسوخة والتي تساعد بحكم مكانتها في السلطة الرابعة على إيجاد مناخ ثقافي مضاد للمسلم بوصفه كذلك.

بالطبع ليس لنا أن نبرئ ساحة المسلمين من كل ما يحدث، وليس لنا أيضا أن نتغاضى عن عمليات الخلط المتعمدة أحيانا والتلقائية أحيانا أخرى، بين الدفاع عن حرية المعتقد وعدم السماح بأي نقد لجماعة أو دين بدعوى العنصرية والتمييز، كذلك ليس لنا أن نغمض العين عن جماعات إسلامية سياسية تستفيد من خلق شعور دائم بالظلم لتكون الحاضن الأهم ليس فقط للهوية وإنما أيضا للأمن في جماعة. ففي المجتمعات الأوربية الدين موضوع دراسة وموضوع نقد قبل دخول الإسلام الفضاء الأوربي، وسيبقى كذلك مع الإسلام، بل لعله سيعطي المسلمين أوسع هامش حوار ممكن في غياب الترهيب والترغيب الخارجي أو الداخلي.

من المؤسف أن الجيل الأول من الإسلاميين في أوربة لم يقم دائما بعملية الفصل بين تاريخه في المجتمعات الإسلامية وخطابه الموجه لها ووجوده في مجتمع غير إسلامي له فقهه وأحكامه الخاصة. فعلى سبيل المثال، كاتب إسلامي أمضى حياته يجاهد ضد العلمانية في الفكر والممارسة، يصعب عليه في منفاه الإجباري أن يقول لابنه “الأوربي الولادة والنشأة” أن العلمانية الديمقراطية هي الصيغة الأفضل لحماية المسلمين في أوربة، خاصة وأن النظام الديني شمالي المتوسط يحمل ميراث محاكم التفتيش والتخيير بين المسيحية والنفي والقتل؟

يعود لمنظمة The Runnymede Trust   غير الحكومية الفضل في أول محاولة تعريف جدية للإسلاموفوبيا عام 1997 حيث حددت للتعريف المعايير الثمانية التالية:

 1-    اعتبار الإسلام جسما أحاديا جامدا قلما يتأثر بالتغيير،

2-    اعتبار الإسلام متميز و “آخر” ليس له قيما مشتركة مع الثقافات الأخرى وهو لا يتأثر أو يؤثر بها.

3-    اعتبار الإسلام دونيا بالنسبة للغرب. بربري وغير عقلاني، بدائي وجنسي النزعة.

4-    اعتبار الإسلام عنيفا وعدوانيا ومصدر خطر، مفطور على الإرهاب والصدام بين الحضارات.

5-    اعتبار الإسلام إيديولوجية سياسية لتحقيق مصالح سياسية وعسكرية

6-    الرفض التام  لأي نقد يقدم من طرف إسلامي للغرب

7-    استعمال العداء تجاه الإسلام لتبرير ممارسات تمييزية تجاه المسلمين وإبعاد المسلمين عن المجتمع المهيمن.

8-    اعتبار العداء تجاه المسلمين عادي وطبيعي.

 للخروج من العموميات في الفضاء بين الحكومي، وضع مجلس أوربة قبل عامين، في تقرير أصدره عن “الإسلاموفوبيا وتأثيرها على الشبيبة” (2005) تعريفا أوليا للكلمة يمكن اعتباره نقطة انطلاق جدية مشتركة بين الحكومي وغير الحكومي في هذا الموضوع الخطير والحساس يقول: “الإسلاموفوبيا، هي التخوف أو الأحكام المسبقة تجاه الإسلام والمسلمين وما يتعلق بهم، سواء تم التعبير عنه بالأشكال اليومية للعنصرية والتمييز أو في أشكاله الأكثر عنفا. الإسلاموفوبيا هي انتهاك لحقوق الإنسان وخطر على التماسك الاجتماعي”.

في التقرير الذي أصدره المركز الأوربي لمراقبة العنصرية وكراهية الأجانب في شهر ديسمبر 2006 بعنوان: التمييز العنصري والتخوف من الإسلام”، يظهر بوضوح أن هناك تمييز واضطهاد تجاه المسلمين في أوربة في مجالات العمل والتعليم والسكن والمعاملة في الفضاء العام. وعندما طلبت من بياته فينكر مديرة المركز وأهم محرري التقرير أن تلخص لي خلاصة تجربتها قالت: “أن التخوف من الإسلام يبدأ بتوجيه الإهانات الشفهية ويصل لحد الاعتداء الجسدي والاعتداء على أماكن العبادة والممتلكات والقبور، لذا هناك حاجة ماسة لقيادة سياسية حازمة تدافع عن المساواة بين جميع الأوربيين بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية والدينية، كذلك تعبئة بين المسلمين لمشاركة أوسع في المجتمعات المدنية للدفاع عن حقوقهم والحقوق الإنسانية بشكل عام”.

مناهضة التمييز والعنصرية كأساس الإسلاموفوبيا

يعتبر دودو ديين مقرر المفوضة السامية لحقوق الإنسان لمناهضة العنصرية الإسلاموفوبيا الشكل الأكثر خطورة للعنصرية في أوربة اليوم، وبهذا المعنى، يمكن أن نحقق إندماجا ضروريا بين مناهضة التمييز والعنصرية ومناهضة الإسلاموفوبيا. فترسانة مناهضة التمييز في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان قابلة للقراءة من وجهة نظر ما يتعرض له المسلمين في حياتهم اليومية، ولا شك بأن هناك مجالات محددة وخاصة بالمسلمين. فمثلا الاعتراض على إطلاق الآذان خارج المسجد عند عدد من المسلمين وليس فقط غير المسلمين في حين أن وجود منارة للمسجد قضية لا تؤثر جوارها بأي معنى من المعاني. حق المسلم في اختيار العيد المنسجم مع معتقداته ليس فقط حق طبيعي وإنما أيضا مفيد في أماكن العمل حيث بالإمكان دائما ضمان أشخاص في أيام عيد الميلاد أو الفصح، صيرورة اللغة العربية بأهمية اللغات الأوربية الأخرى نتيجة الالتزام الديني ثروة إغناء ثقافية وتجارية لأوربة، وجود أشخاص يعرفون الشعائر الإسلامية يسهل مهمة أية مؤسسة تريد إرسال خبراء أو بناء فروع في دول عربية وإسلامية. فلا يوجد شعيرة أو صفة تتعلق بالمسلم لا يمكن أن تدخل ليس فقط في نطاق توسيع الأفق وغنى التنوع الثقافي بل المصلحة المادية المباشرة. هناك عدة قرارات نتابعها يوميا مثل سحب اللجوء السياسي لناشطين إسلاميين، تسليم لاجئين سياسيين قررت السلطات الأوربية إبعادهم لبلدانهم، خلق حالة عدم استقرار لعدد كبير من اللاجئين السياسيين الذين ينتمون لحركات إسلامية في إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا تسهم ليس فقط في ضرب حق اللجوء، وإنما سيادة فكرة الإسلامي كمصدر ريبة وشك وموضوع اتهام بطبيعته.  والمنطق العنصري عالمي وعام، أي أنه لا يتوقف عند جماعة محددة، بل على العكس من ذلك يسهل أن يتعرف على نفسه في أية جماعة مستضعفة أو خاصة. وكما وجد في معاداة السامية كبش فداء بالأمس، يجد في الخطر الإسلامي عدو اليوم وقد يجد في الأفارقة غدا العدو. ولعل “الاتفاقية الخاصة بالتعاون الحدودي خاصة من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة عبر الحدود والهجرة السرية” المعروفة باتفاقية بروم، تعطي المثل على ولادة ثلاثية عنصرية خطيرة في الوعي الجماعي الأوربي تربط بين الإرهاب والهجرة السرية والإسلام. في 7 نوفمبر 2007 أدان دودو ديين خطاب الرئيس الفرنسي ساركوزي باعتباره يقع في دينامية شرعنة العنصرية. ويمكن أن يصدر تقرير سنوي مخيف عن العنصرية اليومية القائمة على “التهمة المسبقة للمسلم” في مجالات العمل والتعليم والإعلام والسياسة. إلا أن ما هو ضروري، هو صدور إعلان مبدئي من الأمم المتحدة يحدد تعريف ومظاهر الإسلاموفوبيا في تقاطعاتها المباشرة مع العنصرية ومناهضتها بوصفها كذلك.

 تلاحظ معظم منظمات حقوق الإنسان ومناهضة العنصرية اليوم أن التوظيف السياسي للإسلاموفوبيا سلعة رائجة ومربحة في سوق النخاسة السياسية الأوربية. وبالتالي تركز على قيام ترسانة قانونية تحمي المسلمين من أشكال التمييز والاعتداء اليومية بحقهم. ترسانة لا يستثنى منها لا شبه مثقف ولا “رجل” سياسة, وتنال شرعيتها من البرلمان الأوربي المنتخب.

لأن ظاهرة الإسلاموفوبيا تتصاعد بشكل غير محمود النتائج والعواقب، ولا بد من مواجهة راديكالية لها، يكون للمنظمات الحقوقية الأوربية فيها دور الصدارة.

نص مداخلة المفكر العربي هيثم مناع في مؤتمر الإسلام فوبيا الدولي الذي عقد في استانبول في 8 – 9 كانون الأول 2007

 Islamophobic act as Human Rights Issue