“نصرة” خطاب الكراهية الطائفي ليست بداية سوريا جديدة، بل نهايتها، ليست مؤشرا لخلاص السوريين بل مؤشر التدمير الذاتي لوجودهم. لا يشكل خطاب الكراهية ولادة طبيعية للإنسان السوري، بل موته المناهض للطبيعة، إن أية مهادنة مع سلاح الدمار الشامل المسمى بالحقد الطائفي، يعني قبول البشر العودة إلى مجتمع الغاب وأكثر الغرائز توحشا ودناءة.
الكلمات التي تقتل
عندما نعتبر المراجعات عند التكفيريين شرطا من شروط إعادة تأهيلهم واستعادتهم لإنسانيتهم المستلبة بعمى التطرف، ونأخذ على زعيمهم رفضه الدائم لأي نقاش في الخطايا والجرائم التي ارتكبها وجماعته، ونعتبر الخروج من مستنقع الدم والحقد الأسدي مشروطا بالتحرر من كل الطحالب التي شاركت في القتل والهدم والتهجير والإفقار، فلأننا نعتقد أن بناء المستقبل رهن بمحاسبة كل المجرمين، وأن الانتقائية في إقامة العدل لن تلبث أن تخرج كل الأحقاد من تحت الرماد. فأي “نصر عسكري” لمافيا أو عصابة إجرامية أو فصيل ثوري، لا يعطيه ورقة لا حكم عليه لمجرد كسبه معركة عسكرية؟ خاصة وأنه يحمل إلى السلطة معه، إرثه الاستئصالي وتراثه الإيديولوجي.
لم يعد التكفير اليوم مجرد أداة لتصفية خصم سياسي أو فصيل عسكري، بل أصبح يسيطر اليوم على الأقل، على ستين بالمئة من الأراضي السورية. الأمر الذي مكنه من نشر أتباعه في أهم المدن السورية، وتنصيبهم أوصياء على مؤسسات الدولة ومكنهم من التحكم في الناس وعاداتهم وثقافاتهم وأنماط حياتهم الشخصية.
إن كل الشحنة التربوية والتعبوية التي تربى عليها مقاتلو “هيئة تحرير الشام”، التعبير الأخير لجبهة النصرة، تقوم على رفض الاختلاف والتنوع السوري، لذا لا يمكن إلا أن تكون معبئة ضد طوائف بأكملها باعتبارها ضالة، ولمحاربة تيارات سياسية لأنها علمانية أو ديمقراطية. فضحالة الثقافة والتطرف الإيديولوجي إنما تبلغ مداها الأعلى مع تقديس الذات وتكفير الرأي المخالف.
قد يقول قائل، ولكنهم تغيروا أو سيتغيرون، وسيتعلمون من الحياة أن فتاوى ابن تيمية عنصرية وتمييزية ولا تتناسب مع العصر، وأن كتابات أبو عبد الله المهاجر وأبو مصعب السوري وخطب المحيسني وطعون بعيدة كل البعد، عن الإسلام القرآني والتسامح الديني المتأصل في بلاد الشام.
المشكلة عند التكفيريين أنهم يعتبرون المجتمع بأكمله جاهلية وهم وحدهم من يفقه في الدين والدنيا، وهم الذين نزلت فيهم الآية الكريمة “إذا جاء نصر الله والفتح” وهم الصحابة الجدد لإعادة مجد “الدين الحق”.
لذا في كلماتهم اليومية، في كتاباتهم ونقاشاتهم، نرى كيف يقومون بالشحن المذهبي ويرفضون التعايش مع الاختلاف الديني إلا على أساس “التفوق والرفعة عن الآخر المختلف، سأنقل من موقع لطلاب جامعة إدلب، التي تعتبرها حكومة الإنقاذ التي انتقلت إلى دمشق، الجامعة الأنموذج، بعض التغريدات التي تعج بها مباشرة أو بالنقل عن الصفحات الجهادية التكفيرية: