أبريل 20, 2024

شيكو فرنسي لكنه مسلم أسود

french policeهو بكل المقاييس القانونية مواطن فرنسي، في الدستور كما في التزامات فرنسا الأوربية والدولية، لكن مشكلة المواطن الفرنسي شيكو بابا ندينغ  دياكابي أنه أسود ومسلم، وعوضا عن الاتجار بأطفال من دارفور اعتبر أن احتلال العراق اعتداء على كرامة شعب، وقرر تعلم العربية والتوجه إلى العراق، وكونه لم يتدرب على السلاح ولم تكن عنده أية خبرة لا في الحرب ولا في المقاومة المسلحة، فقد اعتقل إثر حادث تفتيش عادي كما ذكر لنا الصليب الأحمر الدولي، ويبدو أن لون بشرته هو الدافع لتفتيشه من قبل دورية أمريكية في مدينة الفلوجة العراقية في 25 نوفمبر 2004. كانت فرنسا وقتها مازالت تعتقد بأن احتلال العراق عملية غير قانونية وغير مجدية وتحمل مخاطر لا تحمد عقباها. لذا تم التحقيق بقسوة مع شيكو وأودع  في سجن القوات المتعددة الجنسيات في بوكا. وأعطي الرقمIQZ 0008123.

أخطر الصليب الأحمر الفرنسي عائلة المعتقل شيكو بابا ندينغ في باريس بأن القوات الأمريكية اعتقلت ابنها وجرت مراسلات بين الأهل والابن. ومع وصول الرئيس ساركوزي ووزير خارجيته الإنساني جدا برنار كوشنر، أصبح شيكو من منابع الإرهاب ومصادر الشر، وجرى نسيانه من قبل الحكومة الفرنسية.

قامت القوات الأمريكية بتسليم السجين شيكو إلى القوات العراقية في 28/05/2006 التي أودعته في سجن فورت سوس (وهو ثكنة عسكرية سابقة بناها الروس قرب مدينة السليمانية في كردستان العراق) وتم تقديمه للمحكمة الجنائية العراقية في 10/9/2006 . تشكلت المحكمة من صائب خورشيد أحمد رئيسا وعضوية القاضيين عدنان محمد هادي وبليغ حمدي حكمت. وقد حكمت عليه المحكمة بالسجن خمس سنوات وشهر واحد تحتسب من تاريخ 28/05/2006، بجريمة الدخول غير الشرعي للأراضي العراقية.

رفضت المحكمة الجنائية العراقية تسجيل معلومات دخول المعتقل الصحيحة إلى الأراضي العراقية وتاريخ اعتقاله من القوات الأمريكية رغم كل الأدلة ومراسلات السجين مع عائلته في انتهاك واضح لأبسط قواعد المحاكمة العادلة. واعتبرت تاريخ استلام الأمن العراقي له هو تاريخ دخوله الأراضي العراقية في تزوير للوقائع.

في 5/02/2009 أصدر نائب رئيس الادعاء العام قرارا بنقض الحكم السابق وطلب إعادة المحاكمة.

وفي 18/6/2009 أصدرت محكمة جنايات كركوك الهيئة الثانية قرارا بالسجن المؤقت سبعة سنوات مع احتساب مدة الموقوفية من 28/5/2006 وتسفيره بعد نهاية الحكم. قرارا قابلا للتمييز.

في هذه الفترة توفي والد السجين شيكو ومرضت أمه ولم تنجح أخواته في تحريك “السيد الإنساني” في الخارجية المشغول بملف شاليط ولا يعنيه كثيرا أمر فرنسي مسلم من أصل سنغالي ذهب للعراق. وما زال السجين يعاني من فوضى القضاء العراقي ومزاجيته في تسجيل ما يشاء من معطيات وفترة اعتقال وتغييب ما يشاء، وكأن المعتقل لم يكن سجينا في العراق في سجن للقوات الأمريكية كانت تعتبرها الأمم المتحدة يوم دخول السيد شيكو بابا ندينغ محتلة للعراق.

اعتقل الأمن الفرنسي عددا من العائدين من العراق ووصل الحكم على بعضهم إلى سبع سنوات سجن. وكانت سياسة السيد ساركوزي منذ كان في الداخلية ضرورة إفهام الشبيبة المسلمة في فرنسا أن ثمن الذهاب إلى مناطق الصراع مثل أفغانستان والعراق له ثمن فادح. لكننا أمام حالة خاصة لعدة مظالم وقعت بحق مواطن فرنسي: التعذيب والمعاملة اللا إنسانية والمشينة، تعمد إلغاء احتساب فترة من فترات الاعتقال، أكثر من محاكمة تثير تفاصيلها الضحك أكثر مما تستدعي الاحترام، ونسيان في السجن قرر شيكو أن يكسره قبل 29 يوما بإضراب عن الطعام حتى الموت في سجنه في كردستان العراق، ومع ذلك لم ننجح بعد في جعل الصحافة الفرنسية تهتم بهذا المواطن!!.

كيف يمكن للمواطن الفرنسي الأسود البشرة المسلم الديانة أن يقتنع بأنه مواطن كغيره؟ كيف يمكن له أن ينسى كيف ذهب ساركوزي لإحضار العاملين في جمعية أرش دو زويه من نجامينا عاصمة تشاد الذين حكم عليهم بجريمة سرقة أطفال، في حين لا يهتم حتى بحق شيكو في مراسلة طبيعية مع عائلته أو زيارة من قنصل فرنسا في إربيل؟

مهما كانت جريمة شيكو، فقد دفع الثمن، بقي الثمن الأخلاقي الذي تدفعه فرنسا في صمت منظمات حقوق الإنسان فيها، في صمت الخارجية الفرنسية، وفي التمييز في قمة السلطة بين الأسود والأبيض، المسلم وغير المسلم، من يتطوع  لخدمة الجيش الإسرائيلي ومن يفكر بضرورة مقاومة احتلال أمريكي؟

 

12-04-2010