سبتمبر 16, 2024

الضربات الجوية لا تقضي على “داعش والرأس في العراق

annaharهيثم منّاع لـ”النهار”: الضربات الجوية لا تقضي على “داعش”…والرأس في العراق

24 أيلول 2014 الساعة 20:46
لم ينتظر التحالف الدولي بقيادة أميركا أي اذن مسبق من النظام السوري ويواصل مهمته لليوم الثاني، لكنه حصل على دعم المعارضة السورية ممثلة بالائتلاف المعارض، خصوصاً بعد نيل الرئيس باراك اوباما موافقة مجلسي النواب والشيوخ لتسليح الكتائب المسلحة المعتدلة وتدريبها، ووقت راح النظام السوري يستثمر الضربات الجوية ويرحب بأي مبادرة ضد الإرهاب، برزت مواقف سورية معارضة ترفض أي تدخل خارجي سواء كانت لضرب “الدولة الإسلامية” او النظام السوري، فيما هناك مواقف أخرى غالبيتها “عسكرية” وتابعة لـ”الجيش السوري الحر” ترفض ضرب القدمين قبل البدء بـ”رأس الإرهاب” النظام و”حزب الله”.
“رأيناه مسبقاً”
“Déjà vu” أو “رأيناه مسبقاً”، بهذا المعنى يستهل نائب المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية” المعارضة هيثم مناع رؤيته لضربات التحالف في سوريا، معتمداً على ما استخلصه من نتائج جراء الضربات التي تلقتها جماعات مشابهة لـ”داعش” في اليمن والصومال وأفغانستان، وبحسبه فإن الضربات الجوية في اليمن استطاعت أن تقتل ثلاثة قياديين مهمين من القاعدة لكن في الفترة الزمنية نفسها تم استبدالهم بآخرين فضلاً عن وصول نحو 15 قيادياً إلى اليمن، وفي الصومال تم ضرب تنظيم الشباب الإسلامي لكن الأمر دفع إلى دعمه على الأرض إلى أن بات القوة العسكرية الأساسية هناك، أما في أفغانستان فأدت الضربات الجوية إلى تحويل المناطق الحدودية معقلاً لطالبان أفغانستان وطالبان باكستان.
من هذا المبدأ، يرى مناع أن “أي عنف إضافي على عنف مستعر لا يمكن أن يكون إلا سبباً لاغتيال السياسة والحل السلمي وللقضاء على من يناضل من أجل الديمقراطية ومجتمع مدني قوي”، ويضيف: “لا يمكن مواجهة مجموعة عسكرية، هي الوحيدة من بين الفصائل التي رفضت القيام بميليشيا بل بتنظيم جيش، واعتمدت بذلك على نحو 200 ضابط من جيش العراق السابق، باتوا اليوم في “داعش”، 100 منهم تم قتلهم، وكل واحد منهم لجأ إلى هذا الخيار بعدما تم تهميشه، خصوصاً انه كان يملك خمس سيارات وسائقين وحراس وأوسمة وفجأة أصبح نكرة، حتى انه لم يحصل على بدل تقاعد، هؤلاء الآن اختاروا ما يمكن تسميته بـ”حزب الشيطان من اجل الرجوع إلى السلطة”.
الرأس في العراق وليس سوريا
يعيد منّاع أساس الحل لقضية “داعش” إلى العراق على قاعدة “إعادة الاعتبار لفكرة الدولة”، ويقول: “في العراق وحتى اليوم لا يوجد قرار بوجود جيش عراقي قوي، لأسباب عدة يتعلق بعضها بالعقدة الإسرائيلية التاريخية، بأنه لا يجب أن يتفوق أحد على إسرائيل بالسلاح وبالتالي منع المنطقة من أسلحة عديدة، لهذا تكمن المشكلة في أن الجيش العراقي بتسليحه الحالي غير قادر على المواجهة”.
العرقنة
يثّبت منّاع نظرية المعالجة من الجذور بالعودة إلى أساس التركيبة “الداعشية”، مذكراّ بأن “داعش تنظيم بدأ عملية العرقنة، منذ استلام “ابو عمر البغدادي”، فقيادة الأركان والعناصر الأساسية جميعها من العراقيين، ووضعوا ابو محمد العدناني السوري كواجهة، علماً انه عاش وبدأ في نضاله في العراق وتزوّج وأمضى حياته في الانبار أكثر من ادلب، وعمر الشيشاني عيّنوه من أجل جذب الجهاديين وصناعة الانتحاريين”.
وبهذا يخلص بالقول:”اذا لم تضرب الرأس فمن الصعب مواجهة الصف الثاني من داعش في سوريا، فهناك الكثير من القيادات موجودة في الأراضي السورية لكن الأساس في الفكرة والمشروع هو النواة الصلبة العراقية”.
ويرى مناع ان “المواجهة الجدية تكمن بالحل السياسي وإقامة دولة قانون جديرة بمواجهة داعش، وإعطاء مثلاً ايجابياً وليس مذهبياً او محاصصة طائفية، ولا بد من اعادة مفاهيم تم تغييبها مثل دولة القانون والمؤسسات، لاننا جميعاً نعمل بعصبيات مثل “داعش”، والديكتاتورية تستولد دواعش”. ولا يخفي ان الحل السياسي الذي رأى النور في العراق بخلافة العبادي للمالكي “جيد… لكنه غير كاف، ولا بد من اعادة هيكلة الجيش العراقي وتسليحه”.
ماذا عن “داعش” سوريا؟ يجيب: “بكل أسف فان إحياء فكرة الحل السياسي في سوريا موضوع مغيب من كل الاطراف وفي كل المواقف، وذلك بسبب الدفع العسكري”، معتبراً أن “تسليح المعارضة وتدريبها لسنوات يعني تغييب الحل السياسي طوال هذه الفترة”.
انقسام المعارضة
الضربات الجوية لم تفجر مواقع “داعش” فحسب، بل زادت من حدة الانقسام بين فصائل المعارضة المسلحة، ويؤكد منّاع أن “المعارضة بكل أطيافها سياسية كانت أو مسلحة انقسمت بين مؤيد للضربة ومعارض ما خلق حالة فوضى على الارض”، متسائلاً: “هل ينقصنا انقسامات واصطفافات؟”. ووفق بيانات بعض الكتائب المعتدلة، فان المستفيد من التدخل الخارجي هو النظام السوري، والانقسام بين الفصائل أول الدلائل على هذه الاستفادة.
القاموس العسكري يؤكد أنه لا يمكن إبادة تنظيم “داعش” بالقصف الجوي، وبحسب مناع “هناك إضعاف، لكن السؤال: ما ثمن إضعاف داعش؟”، مشيراً إلى ان “المجموعة المتحالفة اليوم هي في الوقت نفسه متعارضة وحتى اليوم لا تزال علاقة تركيا بـ”داعش” جيدة”، متسائلاً: “كيف يمكن الاقتناع أن تركيا ضد داعش وهي المستثمر الأول للنفط الذي تبيعه الأخيرة، كيف يمكن إقناعي أن تركيا أعادت الف مقاتل، لكنها لم تعيد 18 ألف مقاتل باتوا في سوريا”.
حرب القرى والاحياء
مع ارتفاع حدة الغارات الأميركية على الرقة والبوكمال، تدور تساؤلات حول الجهة التي ستحل مكان “داعش” في هذه المناطق، لكن في رأي منَاع: “هناك مشاكل لدى الطرفين وفكرة استثمار نتائج الضربات العسكرية ليست مجدية لأي طرف لأن الخريطة السياسية والعسكرية باتت فسيفساء، وأحياناً تعتبر جهة ما انها ضربت خراسان واذ بها تكتشف انها تضرب كتائب لا علاقة لها بـ”النصرة” او “احرار الشام” او “داعش”، ويضيف: “أصبحنا في حرب القرى والاحياء ولا أماكن واضحة وكبيرة الا لدى النظام السوري، أما المعارضة فلكل فصيل اماكن قوة واماكن ضعف، مثلا “جيش الاسلام” لا يسمح لأحد بالتواجد في دوما بينما في دير الزور لا احد يسمع به”.
رغم معارضة مهمة التحالف وإيضاح ما سيترتب من الضربات على “داعش” إلا أن أميركا وباقي الدول ماضية في مهمتها، خصوصاً ان “داعش” لا تفهم سوى لغة القوة، وتبقى النتائج رهن تحركات المقاتلين على الأرض سواء من النظام أو المعارضة، فكيف سيتصرف “الجيش السوري الحر” المعتدل إزاء ذلك؟