ديسمبر 06, 2024

التدخّل العسكري الغربي ليس حلاً

نحتاج إلى زعامة في الشارع
لا نريد أن يدمّر بلدنا
نشر «الخوَذ الخضراء» وارد

يرفض هيثم مناع ان يوضع الشعب السوري في حال يكون فيها «مجبراً على الاختيار بين الكوليرا والطاعون». القيادي في «هيئة التنسيق الوطنية السورية» يقول في مقابلة لـ«الأخبار» من القاهرة «بعد كل التضحيات لن نتراجع الآن»

يرفض الاتفاق الموقّع مع المجلس الوطني السوري «أي تدخل عسكري أجنبي» ويضيف أنّ «التدخل العربي لا يعتبر تدخّلاً أجنبياً». ماذا تعني بالتدخّل العربي؟

– ثمّة سوابق للتدخّل العربي من دون وقوع إصابات في حين أنّه ما من مثال واحد في تاريخ حالات تدخل حلف منظمة شمالي الأطلسي (الناتو) من دون وقوع ضحايا. سوريا عضو في جامعة الدول العربية؛ وإذا لم تستطع جامعة الدول العربية المساعدة في حماية المدنيين من خلال وجود مراقبي حقوق الانسان، ينبغي أن ننظر إذاً في احتمال نشر «الخوذ الخضراء» (قوة حفظ السلام التابعة لجامعة الدول العربية) على الأرض.
لا أعتقد أنّ المصريين أو التونسيين أو المغاربة المسلّحين تسلّحاً خفيفاً والمنتشرين على الأراضي السورية سيطرحون أي تهديد، بل على العكس، أعتقد أنّ الشعب السوري سيرحّب بهم ويطعمهم أكثر مما تفعل جامعة الدول العربية. فمصر وتونس والمغرب لا تملك النية أو القدرة على احتلال سوريا، بالتالي لا سبب يدعونا إلى القلق.
طبعاً نأمل ألا نصل إلى هذا الحد. ما زلنا نحثّ جامعة الدول العربية على إرسال باقي المراقبين إلى سوريا ونأمل أن يرتفع عددهم إلى الخمسمئة مراقب.

ماذا إذا جاء التدخل العسكري العربي من الخليج؟

– المشكلة الأساسية في ذلك تكمن في أنّ دول مجلس التعاون الخليجي ليست محايدة، فقد شاركت في الحرب الاعلامية وفي حضّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على التدخل. لقد سمعنا أكثر من مرة أنّها مستعدّة لإحالة الملفّ السوري إلى مجلس الأمن. يجعل ذلك موقف دول الخليج العربي ضعيفاً عندما يتعلّق الأمر بسوريا.
هناك حملة في الخليج على الإيرانيين. يعني ذلك ربما أنّ دول الخليج قد تحاول أن تجعل من سوريا أرض معركة ضد إيران. لكننا نرفض أن نصبح ضحايا حرب بالوكالة. نريد أن تسود الديموقراطية والحرية في سوريا؛ لا نريد أن تستغلنا أي قوة أخرى لمصالحها الخاصة. في هذا الاطار تجدر الإشارة إلى أنّه حالما يسقط النظام سنرغب في إقامة علاقات حسنة مع الدول الإقليمية ليس مع إخواننا العرب وحسب بل أيضاً مع تركيا وإيران.

ثمة أشخاص داخل سوريا من قادة المعارضة يدعون إلى التدخل العسكري الغربي، ماذا تقول لهؤلاء؟

– يخضع الشعب السوري لضغوط كبيرة لدرجة أنّها أدّت إلى نشوء ما أسميه «حزب دع الشيطان يأتي». ليس ذلك بنّاءً أبداً. كنت في العراق بعد أسبوعين من اجتياح الولايات المتحدة له وطلبت الاجتماع ببول بريمر (كان آنذاك رئيس سلطة الائتلاف الأميركية المؤقتة الموكلة بالاشراف على الاحتلال). قلت له إنني أريد أن أعرف ما الذي سيفعله للحرص على إعادة إعمار العراق بعدما دمّرته الولايات المتحدة فأجابني: «هذا ليس من شأننا».
لا نريد أن يدمّر أحد بلدنا. لم نشهد أبداً وضعاً تظهر فيه ساحرة وتنقذ الدولة من براثن الاستبداد ثمّ تلوّح بيدها مودّعة بسلام وتغادر. ندرك أنّ الضغوط التي يخضع لها النظام السوري كبيرة لكن التدخّل العسكري الغربي ليس حلاً. ينبغي أن نتمكّن من مواجهة الخطاب العنيف للنظام السوري بعقلانية.

ما الذي تقترحه على مراقبي جامعة الدول العربية لتأدية عملهم بنحو أفضل؟

– عندما ذهب ريتشارد غولدستون إلى غزّة، جعله الاسرائيليون ينتظر ثماني ساعات على الحدود، فيما حظروا على آخرين الدخول. تشوب الصعوبات والمشاكل عمل كل مراقب في مجال حقوق الانسان.
إذا تعاملنا مع المراقبين بصبر وإنسانية، قد نحرز تقدماً ونضمن دخول عدد أكبر منهم. أما إذا بحثنا عن الأخطاء والشوائب في كل خطوة فهذا كل ما سنجده. وسننتهي ربما بالمساهمة في إنهاء مهمتهم. لا يمكن أن نتوقع من المراقبين العمل بهذه الطريقة، في ظل ضغوط من كل حدب وصوب. ينبغي أن نقرر ما إذا كنا نريد أن ينجح المراقبون في مهمتهم أو لا. إذا كنا نريد نجاحهم، فلا بد لنا من العثور على وسائل لمساعدتهم. لا أريد الحكم على أحد، لكن أعتقد أنّه علينا الحرص على أن يحقق وجود المراقبين العرب نتائج إيجابية. في نهاية المطاف، يقدّم المراقبون التضحيات بمجرّد وجودهم في سوريا، لذا لا يمكننا أن نستهل مهمتهم بإمطارهم بوابل من الاتهامات.

أخبرنا ما الذي تعرفه عن الوضع في سوريا الآن؟

– نشبت الثورة السورية بسبب احتشاد مئات آلاف الأشخاص. لم يكن السواد الأعظم منهم يملك أي خبرة مسبقة في السياسة. كل يوم، كان وجودهم في الشارع أشبه بدرس وتدريب بالنسبة إليهم. لكن لتنجح الثورة نحتاج إلى ثلاثة مستويات من المشاركة. طبعاً نحتاج إلى الحشد الشعبي الهائل إنّما نحتاج أيضاً إلى مشاركة أشخاصٍ يتمتعون بشرعية تاريخية. في تونس، نجحت الثورة جزئياً لأنّ أشخاصاً كانوا منشقين لسنوات ويملكون سجلاً سياسياً مثبتاً شاركوا فيها.
ثانياً، نحتاج إلى زعامة في الشارع. نحتاج إلى أشخاصٍ كأخي الشهيد معن العودات الذي كان ناشطاً نقابياً قبل مقتله. هؤلاء القادة هم الآن إما في السجن أو متوفون. لهذا السبب جزئياً الثورة السورية في حالة فوضى. نحتاج إلى أشخاصٍ ليراقبوا باستمرار ما يحصل بغياب السلطة، لنتمكن من تنمية وعي ثوري يساعد الدولة مثلاً في التخلص من الفساد على المستوى المصغّر. من دون زعامة، نواجه خطر استيلاء مجرمي الشوارع على الثورة.
في حمص، أبرز القادة معزولون حالياً عن العالم. هذا ما يريده النظام بالتأكيد. بسبب غياب الزعامة هذا نشهد انتشار عمليات القتل الانتقامية الطائفية.


يرفض المعارض السوري هيثم مناع النظرية التي تفيد بأنّ المراقبين الدوليين أفضل من المراقبين العرب ويعتبره مجرّد وهم عممته وسائل الإعلام الخليجية. ويجزم بأن «فكرة انتقال الملف السوري بطبيعة الحال من جامعة الدول العربية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة محض خطأ».