أبريل 25, 2024

نعيش زمن الانتهاكات بلا حدود

2قال هيثم مناع، المتحدث باسم  اللجنة العربية لحقوق الإنسان، إن أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي خصوصا، وفي العالم عموما، تراجعت بشكل كبير بعد أحداث 11 شتنبر 2001.

ويطلق هيثم مناع على الظواهر الجديدة المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان تسمية “سجناء وسجون وتحقيقات بلا حدود”، مع العلم أن تعبير “بلا حدود” ارتبط في الأصل بفكرة العمل الخيري والتطوعي والحقوقي المطلق وهو ذو حمولة إيجابية، إلا أن واقع حقوق الإنسان عالميا وعربيا أصبح ينطبق عليه هذا التعبير في حالته السلبة.
ويربط مناع، في حوار مع “الصحراء المغربية”، بين ما يعيشه العالم من انتكاسة لحقوق الإنسان وبين ما يعتبره الفاعل الأساسي في هذه الانتكاسة، أي سياسة الإدراة الأميركية الحالية، ويقول في هذا الصدد “لقد انتقلنا مع العولمة المطبوعة بهيمنة القطب الأميركي إلى ما يمكن تسميته الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بلا حدود”، وعولمة حالة الطوارئ والتعذيب والاعتقال التعسفي والسجون خارج القضاء وعولمة القتل خارج القضاء”. ويتمنى أن يكون تراجع الإدارة الأميركية سبيلا إلى إعادة الروح إلى القوانين الزاجرة لانتهاكات حقوق الإنسان.

 وينفي مناع أن تكون هذه الانتهاكات والقبول بها أمرا استثنائيا سيمر بمرور تأثير الخوف من الإرهاب وتداعياته، ويعتبر أن ما يصطلح عليه بالحرب على الإرهاب ليس سياسة حقوقية أو سياسة تريد استتباب الأمن الإنساني وإنما هي عملية توظيف من قبل “إدارة متطرفة” تبحث عن وسائل تدعم بها سياسة غير مقبولة لا أميركيا ولا دوليا.
ويرى الحقوقي العربي أنه لا مناص من الربط بين ما يجري حاليا من اعتداء على حقوق الإنسان بالجملة ونموذج العولمة، الذي تريد تسويقه القوى المهيمنة على العالم اليوم، ويضيف في سياق تحليله لإشكالية استمرار انتهاك حقوق الإنسان على نطاق واسع رغم وعي الشعوب والمنظمات المعنية بخطورة هذه الانتهاكات، أن العولمة في صيغتها الحالية غير مؤهبة لأن ترد على أسئلة أساسية تتعلق بكل الثقافات، لأنها تروج لهيمنة ثقافة واحدة ولهيمنة طرف واحد وليس للمشاركة في بناء عالم مختلف. وتشجع بالتالي على ما يسمى صراع الحضارات.

وهذا الواقع يتطلب برأي مناع بوجود سياسات مختلفة يصوغها حكماء هذا العالم. ويضيف أننا اليوم بحاجة إلى لقاء عربي-أوروبي من جهة ولقاء عربي-أميركي لاتيني من أجل بناء جسور جديدة للمعرفة والنضال المشترك لأن الحل المقترح علينا والذي يمارس علينا عبر السياسة الأميركية السطحية وأشكال الثقافة الاستهلاكية الأميركية لا يمكن أن يواجه حتى فكر ابن لادن الإرهابي.

 وأثناء حديثه عن واقع حقوق الإنسان في العالم العربي ثمن هيثم مناع إطلاق العديد من سجناء الرأي في البلدان العربية خلال بداية السنة الجارية، واعتبر ذلك خطوة إيجابية لن تكتمل إلا بالعمل على استعادة هؤلاء السجناء لكل الحقوق، التي تكفلها لهم القوانين والمواثيق الدولية. وبخصوص وضع السجناء العرب المعتقلين في سجن غوانتانامو، أكد مناع أن اللجنة، التي يرأسها لا تملك إلا المعطيات، التي يقدمها محامو المعتقلين، الذين يسمح لهم بزيارتهم، وأن اللجنة اختارت مجموعة من الحالات النموذجية لتوضيح أن هؤلاء المعتقلين “ليس لديهم أي جرم قضائي يستوجب بقاءهم يوما واحدا في سجن عادي، فبالأحرى أن يدفعوا الثمن بهذ الشكل التعسفي ومنذ سنوات”. وفي هذا الصدد عاب مناع على عدد كبير من المنظمات الأوروبية تقاعسها عن الخوض في الانتهاكات المرتبطة بالحرب على الإرهاب، لأنها اعتبرت ذلك ورقة خطيرة، قد تورطها في قضايا إرهابية إذا ما هي دافعت عن هؤلاء السجناء.

 – ماهو تقييمكم لوضع حقوق الإنسان في العالم العربي؟

 ** بعد أحداث 11 شتنبر 2001، حدث تراجع كبير ليس فقط في العالم العربي، ولكن أيضا على الصعيد العالمي، وظهر هذا التراجع بتجليات عدة أولها حالات الطوارئ،، التي جرى تمديدها بشكل آلي في مجمل الدول العربية، التي كانت تعمل بقوانين حالات الطوارئ من قبل، ثانيا تصاعد كبير لقوانين محاربة الإرهاب، التي هي في الحقيقة قوانين استثنائية مقيدة للحقوق، التي يكفلها الدستور في هذه البلدان. ثم ازدواجية أو ثلاثية الأمر باختراق حقوق الإنسان في ما يتعلق بجرائم، مثل الاعتقال التعسفي ونقل الأفراد – ولو كان فيه خطر على سلامة هؤلاء الأشخاص وحريتهم- والتعذيب، حتى كدنا نتصور أن أوروبا، التي تحررت من التعذيب، بدأ يعود إليها الآن في عدة أشكال وفي عدة ممارسات

 نحن اليوم أمام ظواهر عديدة، إذ يوجد لدينا ما يمكن تسميته “السجناء العرب بلا حدود”، وهي ظاهرة تشمل حوالي 10 آلاف إنسان، تنتشر من باكستان وحتى كاليفورنيا، وموجودة في الدول المجاورة لبعضها البعض، ففي سوريا يوجد سجناء عراقيون وسعوديون، وفي العراق سجناء عرب، وفي الكويت سجناء عراقيون أو من دول أخرى، وفي السعودية سجناء يمنيون، ومن كل الجنسيات، وفي مصر سجناء سودانيون. كما هناك معتقلون عرب خارج الحدود في المنطقة العربية وخارجها بعدد كبير.

هناك أيضا ظاهرة يمكن تسميتها “سجون بلا حدود” مثل سجن غوانتانامو، أو السجون السرية الموجودة في الأردن ورومانيا وبولونيا ودول أخرى كثيرة من العالم.

هناك أيضا ما يمكن الاصطلاح عليه ب”التحقيق بلا حدود”، حين يأتي مسؤولون من لجان التحقيق من مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” إلى عدد من الدول العربية – وللإشارة رصدنا منها خمس دول- ويقومون بالتحقيق مع المحققين المحليين. لقد انتقلنا مع العولمة المطبوعة بهيمنة القطب الأميركي إلى ما يمكن تسميته “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بلا حدود”، وعولمة حالة الطوارئ، وعولمة التعذيب والاعتقال التعسفي والسجون خارج القضاء، وعولمة القتل خارج القضاء.

يوجد اليوم في العراق لوحده حوالي 8 مصادر أساسية للقتل خارج القضاء، وليس غريبا أن تكون من بينها قوات الاحتلال وميليشيات وزارة الداخلية وأطراف إرهابية، كما أن الجريمة المنظمة في العراق لها حظها من اختطاف الناس وطلب الفدية، أو قتلهم إذا لم تمتثل العائلات أو الجهات السياسية المعنية.

والخلاصة أنه في ظل أوضاع كهذه نحن نشهد بالتأكيد تراجعا كبيرا لحقوق الإنسان الأساسية. ولا نملك إلا أن نتمنى أن يكون تراجع الإدارة الأميركية في عقر دارها سبيلا إلى إعادة الأنفاس وتخفيف هذه الانتهاكات بعد أن أصبحت ممارسة عادية ومقبولة لدى الرأي العام الدولي. عندما أصبحنا نعرف أن الجندي الأميركي يعذب في أبو غريب وفي غوانتانامو، لم يعد هناك مشكل إزاء فعل التعذيب من قبل شرطي في مصر، ولو في حق سجين اقترف جنحة جنائية، لأن الظاهرة أصبحت مقبولة، للأسف، بعد أن كانت جريمة من قبل.

 – ألا يمكن الافتراض بأن هذه الانتهاكات وقبولها أمر مرحلي وسيمر بمرور تأثير الخوف من الإرهاب وتداعياته

نحن الآن في عام 2006، ومرت على أحداث 11 شتنبر خمس سنوات، ولم يقع حدث إرهابي واحد داخل الأراضي الأميركية. وهو الأمر، الذي يعيد الاعتبار إلى فكرة أن الإرهاب ليس اليوم سياسة حقوقية أو سياسة من أجل الأمن الإنساني، وإنما عملية توظيف من قبل إدارة متطرفة تبحث عن وسائل تدعم بها سياسة غير مقبولة لا أميركيا ولا دوليا. المجتمع الأميركي اليوم ضد وجود القوات الأميركية في العراق، وهذا المجتمع نفسه يعاني من السياسة، التي تمارسها مجموعات الضغط النفطية ولوبيات السلاح.

المجتمع الأميركي في الداخل لا يقبل فكرة أن دولته تنتج نصف سلاح العالم ضمن مديونيات العالم الثالث ومديونيات المواطن الأميركي. لذلك هناك أزمة لدى أية إدارة تحاول أن تدافع عن لوبي السلاح والنفط، وأن تدافع عن الجماعات الصناعية الكبرى في الولايات المتحدة، التي ترفض احترام أي اتفاق لحقوق البيئة وحقوق تنمية العالم الثالث، وترفض خوض أي حرب فعلية على الفساد على الصعيد العالمي.

 هذه الإدارة ترفض احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وترفض الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية وإن كان ذلك يتعارض مع مطالب الناخبين الأميركيين. وبالتالي، يمكن القول إن العولمة أصبحت اليوم عولمة لاقتصاد السوق فقط، في حين تغيب عولمة القضاء واحترام مبادئ حقوق الإنسان وتعميم أسس دولة القانون، وهناك بالمقابل عولمة لحالة الطوارئ والحرب على الإرهاب وإخضاع العالم لحالة اللا توازن. وإزاء وضع كهذا، بالتأكيد هناك خلل لا يمكننا أن نتوقع معه أن يتحقق تحسن في وضع حقوق الإنسان على الصعيد العالمي والعربي، إلا إذا سقطت الإدارة الأميركية في وحل ما فعلته. فشل الإدارة الأميركية جزء أساسي من استعادة الأنفاس للمجتمعات المدنية على الصعيد العالمي.

 – لنعد إلى أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي، بداية هذا العام أطلقت عدد من الأنظمة العربية سراح العديد من سجناء الرأي. هل هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، أم أنها تلك الورقة، التي تستخدمها الحكومات عادة لستر عورات سياساتها؟

 ** حتى لو كان الإفراج عن المعتقلين ورقة تغطي بها السلطات عوراتها، فنحن نساندها ونعتبرها خطوة إيجابية، ونعتبر الإفراج عن كل إنسان ورفع كل مظلمة صغيرة أو كبيرة، خطوة في الاتجاه الصحيح يمكن الإفادة منها بحجمها الحقيقي، لكن مع الاستمرار في التفكير في الخطوات الأخرى، التي لم تقم بها السلطات “التسلطية” بعد.
ويجب التذكير بأن هناك أناسا ما زالوا في السجون وحريات لم تتحقق بعد ومئات جوازات السفر، التي لم تسلم لأصحابها وعدد كبير من المعتقلين، الذين أفرج عنهم في تونس، لم يعودوا إلى وظائفهم وأعمالهم، ولم يسمح لهم بمتابعة تعليمهم الجامعي، وبالتالي هناك أشكال معاناة مستمرة بالنسبة إلى هؤلاء، كما لا يحق لهم مناقشة أي قضية تتعلق بالتعويضات، مع أن ذلك أصبح حقا تقره مؤسسات الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، التي التزمت بالعهدين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

 – هناك سجناء مجهولو التهم داخل سجن غوانتانامو، انتحر ثلاثة منهم في الأسابيع الأخيرة، ماهي الإجراءات، التي اتخذتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان لإطلاق سراح المعتقلين العرب في هذا السجن؟

 لدينا عدة استراتيجيات عمل منذ اليوم الأول لبناء معتقل غوانتانامو، لأننا نعتبر أن غوانتانامو أسوأ من تزمامارت ومن سجن تدمر، اللذين أقيما في حقب سوداء من تاريخ بلداننا العربية. أمريكا تطرح نفسها كحاملة لمشروع ديمقراطي، فإذا كان هذا المشروع يتمثل في معتقل غوانتانامو، فليحتفظوا بهذه الديمقراطية لأنفسهم، نحن لسنا بحاجة إليها. بأي حال من الأحوال سنبدع ديمقراطيتنا، التي لا يوجد فيها لا أبو غريب ولا غوانتانامو.
المسألة الأساسية اليوم هي أننا اعتمدنا عدة أساليب لبناء جبهة عالمية لإغلاق غوانتانامو. بدأنا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ونجحنا مع لوي جوانييه ومجموعة فريق العمل الخاص بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة، في اعتبار أن اعتقال عدد من السجناء في غوانتانامو هو اعتقال تعسفي، وبالتالي اضطرت السلطات الأميركية إلى تسليم عدد كبير من السجناء حاملي الجنسيات الأوروبية إلى دولهم، ونسعى بكل الوسائل إلى بناء شبكة من المنظمات الحكومية لتتعاون مع المنظمات غير الحكومية الأميركية من أجل إغلاق معتقل غوانتانامو، واستطعنا كسب عدد كبير من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، مثل مجلس أوروبا، الذي طالب رسميا بإغلاق غوانتانامو، وأيضا المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التي أصرت على ذهاب بعثة منها إلى المعتقل. نحن أيضا نحاول بكل الوسائل الحصول على حق زيارة غوانتانامو، ونعمل على استغلال المعطيات، التي يقدمها المحامون، لأنه في الولايات المتحدة تسري الحقوق حتى على معتقلي هذا السجن الاستثنائي بكل المقاييس، ويستطيع المحامون زيارة السجناء، في حين لم تستطع المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجان حقوق الإنسان غير الحكومية ذلك حتى اليوم. ونحن نتعاون مع عدد من المحامين، الذين يذهبون إلى المعتقل ويمدوننا بالمعلومات حتى تكون معطياتنا أكثر دقة حول أوضاع السجناء.

 إضافة إلى ذلك اخترنا مجموعة من الحالات النموذجية، مع العلم أن كل سجين هو حالة مؤلمة، ولكن الرأي العام يتأثر بحالات محددة، مثل حالة ناشط في جمعية خيرية، أو مصور تلفزيوني، أو صحافي أو موظف في التعليم. نحن اخترنا مجموعة من الحالات نحاول أن نوضح عبرها أن معتقلي غوانتانامو في معظمهم ليس لديهم أي جرم قضائي يستوجب بقاءهم يوما واحدا في سجن عادي، فبالأحرى أن يدفعوا الثمن بهذا الشكل التعسفي ومنذ سنوات لجرم لم يقترفوه.

 – هناك اليوم تحرك على الساحة الأوروبية للتحقيق في الرحلات السرية، التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأميركية، هل هناك تحقيق عربي مواز، خصوصا وأن المعلومات المتوفرة حتى الآن تفيد أن الطائرات الأميركية حلقت فوق الأجواء العربية غير ما مرة؟

 ** أولا، لدينا عدة حالات ثابتة بالنسبة لرحلات طيران تحققنا منها بالتعاون مع منظمات غير حكومية سويدية ومن أوروبا الشرقية، ولدينا أرقام الرحلات وأوقاتها، وقد نشرتها أكثر من منظمة، ونحن أيضا لدينا قائمتنا الخاصة. ثانيا نحن سافرنا إلى عدة بلدان وطلبنا زيارة السجون في عدة بلدان، حيث يوجد سجناء عرب، وزرنا تيسير علوني ومجموعة الخلية السورية في إسبانيا، وزرنا كذلك هيثم عمر ومجموعة رجال الأعمال العرب المعتقلين بحجة تعاملهم مع الإرهاب في سجن راهوفا في رومانيا، ونطالب أيضا بالتحقيق في مسألة وجود السجون السرية، التي لم تعترف دول مثل بولونيا ورومانيا حتى اليوم بوجودها.

 واستطعنا تحقيق بعض المكاسب، فمثلا جرى الإفراج عن عدد مما سمي بالخلية السورية الإسبانية، ونتمنى أن يفرج عن عدد آخر في الأيام المقبلة، ونتمنى أيضا أن يفرج عن مجموع الأشخاص، الذين يعتقلون في نطاق ما يسمى ب”الحرب على الإرهاب”، والذين لا يوجد أي دليل على تورطهم في أي عمل أو دعاية للأعمال الإرهابية، وهذا الكلام يشمل دول مثل هنغاريا وألمانيا وهولندا وبريطانيا وفرنسا. هناك معتقلون عرب ومسلمون في عدد من الدول الغربية، وأحيانا يكون الاعتقال لمدة قصيرة، وأحيانا يطول. وليس بإمكان اللجنة العربية لحقوق الإنسان أن تقوم بكل شيء للمساعدة في تبرئة هؤلاء المتهمين، وللأسف قسم كبير من المنظمات الأوروبية متقاعد عن الخوض في الانتهاكات المرتبطة بالحرب على الإرهاب، لأنه يعتبر أن هذه ورقة خطيرة، ولا تخفي هذه المنظمات تخوفها من التورط في قضية إرهابية إذا ما دافعت عن هؤلاء السجناء. ولدي في هذا الصدد شهادة مؤلمة عبر عنها روبير مينار بالقول “كنا حذرين أكثر من اللزوم، فأصبنا من كثرة الحذر بكثرة الأخطاء بحق صحافيين وأشخاص ليس لهم أي علاقة بالإرهاب، وهم اليوم قابعون في السجون”.

 والمشكل الأساسي هو أن منظمات حقوق الإنسان الغربية، بسبب عدم معرفتها الجيدة بالإسلام والمسلمين والجاليات الأجنبية، تحذر من التدخل إلا بعد أن يكون لديها أدلة دامغة، وهذا لا يمكن الحصول عليه إلا بعد أشهر وسنوات أحيانا من التحقيق، وبالتالي هناك أشخاص يتعرضون لظلم مضاعف بسبب اتهامهم دون أدلة وبسبب تقاعس الجمعيات عن الدفاع عنهم. والمثال على ذلك حالة سجين جزائري تدخلت الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان لإنصافه بعد سنتين، في حين أننا تبنينا قضيته بعد مرور شهر على اعتقاله، لأننا نعرف وضع المتهم وحقيقة القضية. وبالتأكيد هناك مشكل على صعيد حقوق الإنسان وعلى صعيد دولة القانون الأوروبية وعلى صعيد الخوف العام، الذي خلقه الإعلام الغربي من قضية “الإرهاب الإسلامي”. وهذا كله يعزز ما يمكن تسميته اليوم القوانين الاستثنائية والإجراءات الاستثنائية على الصعيد العالمي.

مقابلة  أجرتها  الصحفية المغربية مريم زريرة نشرت في  “الصحراء المغربية” في  29/6/2006